Page d'accueil Articles
Liturgie
Liturgie


إرتفاع الصليب المقدَّس في الترتيب اللاتيني

كتابة الأب نوهرا صفير الكرملي

يَا مَن جَعَلتَ مِن صليبِ الهَوان صليبَ مَجد، أعطِنا يَا ربّ ألاَّ نفتخِرَ إلاَّ بصليبِكَ المقدَّس.

مقدِّمَة
تكريم صليب المَجد، في الكنيسَة اللاتينيَّة، موصول باحتفالات تدشين كنيسَة القيَامَة سنة 335، وبتاريخ الخلاص، في أحداث العهد القديم، بدءاً بشجرة الحيَاة، في الجنَّة، وانتهَاء بعيد المظالّ، وعيد الغفران، في الطقس اليهودي، وكلُّهَا كانت رمزاً للصليب المقدَّس، شجرة الحيَاة الحَقَّة، وأسَاس رجائنا، وفيض غفراننا.

عيد ارتفاع الصليب ذُروَة إحتفالِنا بسِرِّ خلاصِنا. عيد ارتفاع الصليب هو من سلسلة الأعيَاد الليتورجيَّة الخاصَّة بالسيِّد المَسيح. يَضُمّ عيد ارتفاع الصليب مختلف أحداثِ الخلاص، من موسى يَرفع الحيَّة النحاسيَّة، فيخلِّص شعبَهُ مِنَ الهَلاك، إلى يَسوع يُرفَع على الصليب فيُخلِّص العَالم ويَمنح حيَاة أبَديَّة. والمسيح المَصلوب، تناقضٌ وذلٌّ في نظر اليَهود، ضعفٌ وجَهلٌ في نظر اليونانيِّين، قوَّة ومَجدٌ وحِكمَة في نظر المؤمنين.

معنى عيد ارتفاع الصليب المقدَّس في الليتورجيا اللاتينيَّة:
تحتفل الكنيسَة اللاتينيَّة برفع صليب سيدنا ومخلِّصِنا يسوع المسيح في 14 أيلول من كلّ عام وفي احتفالهَا الليتورجي تظهر مدى أهميَّة وعظمة الصليب المقدَّس وكيف أنَّ السيِّد المسيح قد غلب العالم ليس بقوة السلاح ولكن بصليب آلامِهِ وموتِهِ، فأصبح الصليب مفتاح الملكوت السماوي للبشر. وهذا ما تظهرُهُ لنا الليتورجيَّا اللاتينيَّة في النصوص والقراءات الليتورجيَّة الخاصَّة بهذا اليوم العظيم المقدَّس.

لقد كان الصليب سابقًا عنوانًا للعِقابْ الشديد. أمَّا الآن فهو عنوان للفخر والاحترام والسجود. كان الصليب سابقًا أداة للعار والعذاب، فأصبح اليوم أداة للمَجد والشرَف. وهذا ما نتأكده تمامًا مِن كلام سيِّدنا يسوع المسيح الذي أسمى الصليب مجدًا.

إنَّ صليب الرَّبّ رأس خلاصنا ونبع الخيرات التي لا توصف. بواسطة الصليب حُسبنا في عداد خراف الله، وخرجنا من الضلال، وعرفنا الحقيقة. الصليب أنارنا نحن الجالسين في الظلمة وظلال المَوت. الصليب حرَّرنا من الأسر. الصليب صيَّرنا جنودًا في السماء. هذه الخيرات كلها قدَّمها لنا الصليب، إذًا يحقّ أن نقيم له عيدًا احتفاليًا. يقول الرَّسول بولس "فإنَّهُ قد ذبح فصحنا المسيح" (۱ كورنثوس ٥: ٧). على الصليب قدمت الذبيحة، وحيث الذبيحة تكون مغفرة الخطايا، هناك المصالحة مع السيِّد، هناك العيد والسرور والبَهجَة لكلِّ المَسكونة. فالحق أن الصليب هو عيدنا وسرورنا لأن فصحنا المسيح قد ذُبح عليه إذ علِّقَ حراً على خشبَة من أجل خلاص العالم أجمَع.

لمحَة تاريخيَّة عن وجود عود الصليب المقدَّس:
أرادت الملكة هيلانـة في العام 326م أن تعرف مصير الصليب المقـدس، الذي صلب عليه ربنا يسوع المسيح، حيث رأت في منامِهَا حلماً، أنبأها بأنها هي التي ستكشف عن الصليب وقد شجَّعَهَا ابنها الإمبراطور قسطنطين، على رحلتها إلى أورشليم، وأرسل مَعَها عَدد من الجند قوامها ثلاثة آلاف جندي ليكونوا في خدمتها، وتحت طلبها، وهناك في أورشليم اجتمعت بالبطريرك مكاريوس، البالغ من العمر ثمانين عاماً وأبدت له وللشعب رغبتها، فأرشدها إلى رجل طاعِن في السن، من أشراف اليهود ويسمى يهوذا، وكان خبيراً بالتاريخ والأحداث، والأشخاص، وبالأماكن فاستحضرته الملكة وسألته عن صليب المسيح فأنكر في بداية الأمر معرفته به، وبمكانه، فلما شدَّدت عليه بالطلب وهدَّدته اضطر إلى أن يرشدها إلى الموضع الحقيقيّ للصليب، وهو كوم الجلجثة بالقرب من معبد فينوس، وهو بعينه المكان الذي تقوم عليه الآن كنيسة القيامة في أورشليم.

أمرت الملكة هيلانة في الحال بإزالة التل، فانكشفت المغارة وعثروا فيها على ثلاثة صلبان، وكان لا بدَّ لهم أن يتوقعوا أن تكون الصلبان الثلاثة: هي صليب المسيح يسوع، وصليب اللصّ الذي صلب عن يمينه، وصليب اللصّ الذي صلب عن يساره وقد عثروا كذلك على المسامير، وعلى بعض أدوات الصلب، كما عثروا على اللوحة التي كانت موضوعة فوق صليب المخلص ومكتوب عليها "يسوع الناصري ملك اليهود" ويبدو أن هذه الصلبان الثلاثة كانت في حجم واحد، وشكل واحد، أو متشابهة، حتى أن الملكة ومن مَعَها عجزوا عن التعرف على صليب المسيح يسوع من بينها وبعد ذلك استطاعت الملكة بمشورة البطريرك مكاريوس أن تميِّز صليب المسيح بعد أن وضعت الصلبان الثلاثة، الواحد بعد الآخر، على جثمان ميت، فعندما وضع الصليب الأول والثاني لم يحدث شيء، وعندما وضع الصليب الثالث، عادت للميت الحياة بأعجوبة باهرة، وبعد ذلك وضعوا الصليب على امراة مريضة فشفيت في الحال، عندئذ رفع البطريرك مكاريوس خشبة الصليب ليراها جميع الحاضرين وهم يرتلون ودموع الفرح تنهمر من عيونهم، ثم رفعت القديسة هيلانه الصليب المقدس على جبل الجلجلة.

وتكريماً للصليب المقدس، غلفته بالذهب الخالص، ولفته بالحرير، ووضعته في خزانة من الفضة في أورشليم وشهد بذلك أيضاً أمبروسيوس رئيس أساقفة ميلانو في سنة القديس يوحنا الذهبي الفم وغيرها من آباء الكنيسة، وأيضا أرسلت القديسة هيلانة قسماً من الصليب والمسامير إلى قسطنطين وأبقت القسم الباقي في كنيسة القيامة التي أمر الملك قسطنطين ببناءها في نفس موضع الصليب على جبل الجلجثة، وسميت كنيسة القيامة (وتسمى كنيسة القبر المقدَّس أيضا) ووضع فيها الصليب المجيد، وهي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا. (وقد قامت احتفالات التدشين لمدة يومين متتاليين في 13 و14 ايلول سنة 335 في أيام اكتشاف الصليب نفسها، وفور عثور الملكة على الصليب أمرت القديسة هيلانه بإشعال النار من قمة جبل إلى آخر لكي توصل خبر عثورها على الصليب لابنها الإمبراطور قسطنطين في القسطنطينية، إذ كانت النار هي وسيلة التواصل السريع في ذلك الزمان عندما كانت وسائل المواصلات والاتصالات بدائية وبطيئة. وهذا هو السبب في إشعالنا النار في هذا العيد.

بقي العود الكريم في كنيسة القيامة حتى 4 أيار سنة 614، حيث أخذه الفُرس بعد احتلالهم المدينة المقدسة وهدمهم كنيسة القيامة. وفي سنة 628 انتصر الإمبراطور هرقليوس على كسرى ملك فارس وأرجع على كتفه العود الكريم وسار به في حفاوة إلى الجلجلة، وكان يرتدي أفخر ما يلبس الملوك من ثياب، والذهب والحجارة الكريمة في بريق ساطع. إلا أنه عندما بلغ باب الكنيسة والصليب على كتفه، أحسّ قوة تصدّه عن الدخول. فوقف البطريرك زكريا، وقال للعاهل: حذارِ أيها الإمبراطور! إن هذه الملابس اللامعة وما تشير إليه من مجد وعظمة، تبعدك عن فقر المسيح يسوع، "ومذلّة الصليب". ففي الحال، خلع الإمبراطور ملابسه الفاخرة وارتدى ملابس حقيرة وتابع سيره حافي القدمين حتى الجلجلة، حيث رفع عود الصليب المكرّم، فسجد المؤمنون إلى الأرض وهم يرنِّمون: "نسجُدُ لكَ أيُّهَا المسيح ونباركُكَ، لأنَّكَ بصليبكَ المقدَّس خلَّصتَ العَالم".

الإطار الليتورجي لعيد إرتفاع الصليب المقدَّس:
لا يراعي اختيَار النصوص الليتورجيَّة في الكنيسَة اللاتينيَّة لهذا اليوم العظيم المقدَّس التقسيم العلمي المذكور، بل يَجمَع عَمَل الابن والآب، فيركِّز من جهَّة على يسوع المصلوب الفادي البَشَر أجمَعين، والشافي من لدغة الشيطان المُهلك، والمحيي كلَّ مَن ينظر إليهِ تائباً مؤمناً، ويشدِّد، من جهَّة ثانية، على أنَّ فداء الابن هذا، نابع من محبَّة الله الآب لنا، وقد وهبَنا ابنَهُ الوحيد ليَفدينا، ويَمنحَنا حياة أبَديَّة. عيد ارتفاع الصليب المقدَّس في ليتورجيَّتِنا، يفتح قلبَ المؤمن وعقلهُ على زمن الله الأبَديّ، ويُشركُهُ في مجد ابن الله الأوحَد، وفي حَيَاتِهِ الجديدة الأبَديَّة.

أ- يجب أن يُرفع ابنُ الإنسَان:
يتَّفِق الإنجيليّون الأربَعَة على أنَّ يَسوع، في مدَّة حَيَاتِهِ العلنيَّة قد أنبأ ثلاث مرَّات، بموتِهِ وقيَامَتِهِ. أمَّا يوحنَّا فيتكلَّم عن ارتفاع ابن الإنسان، فكلِمَة "يُرفَع" تضمّ في لفظة واحِدة ثلاث كلِمَات، ومَراحِل الفِداء الثلاث: الصليب والقيَامَة والتمجيد. الارتفاع يعني أوَّلاً الصلب، لأنَّ كلّ ميتة يرافقهَا سقوط، مَا عدا ميتة الصلب وحدَهَا فإنَّهَا ارتفاع. وثانياً القيَامَة من القبر، لأنَّ يسوع لم يَبقَ مضجَعاً في القبر، بل أخلى القبر وارتفع. وثالثاً الصعود إلى السَّماء، لأنَّ يسوع لم يَقم ليَحيَا من جديد حيَاة أرضيَّة فانيَة، بل قامَ وَدَخَلَ حالاً، في مجد الله وجَلسَ عن يمين أبيه، فلا سُلطان للموت من بَعدْ عليه إلى الأبَد.

ب- إنَّ الله بَلغَ من حبِّهِ للعَالم، أنَّهُ جادَ بابنِهِ الوحيد:
رسَالة يَسوع كلُّهَا، مصدرها محبَّة الآب، وغايَتهَا إعلان محبَّة الآب، وقد ختَمَ يَسوع صلاتَهُ الأخيرة إلى أبيه: "قد عرَّفتهم اسمَكَ وسأعرِّف، ليكونَ فيهم حبُّكَ لي وأكون أنا فيهم" (يو 17: 26 ). بهذا أوجزَ يَسوع رسَالتهُ إلى العَالم: الغايَة من تعليمِهِ أن يحبَّهُ التلاميذ حُبَّ الآب لهُ، وأن يَتجسَّد هو في كلّ مؤمن، فيتابع المؤمنون بهِ عَمَلهُ، وكأنَّهُم امتداد لهُ ولرسَالتِهِ. المسيح عينُهُ هو عطيَّة الآب المحِبّ، وقد وجدت هذه المحَبَّة تَمَامَهَا وكمَالهَا في الصليب.

ج- لا ليَحكُمَ على العَالم، بَل ليُخلِّصَ بهِ العَالم:
في تاريخ الخلاص، صار الحكم على العالم بصلب يسوع وموتِهِ على خشبة الصليب. لكن هذا الحكم قائم، منذ تجسَّدَ ابن الله، وماتَ على خشبة، وهو حكم قائم حتَّى النُهيَة، بين المسيح والعالم. إنَّ وحي يسوع المسيح ابن الله مصيري نهائيّ. والحكم هو القرار السلبيّ إزاء المسيح، يصفهُ يوحنَّا الإنجيلي بتعابير كهذِهِ: "أحبَّ الناس الظلام على النّور، لأنَّ أعمَالهم شرِّيرة. عَامِلُ السَّيئات يُبغِضُ النور ولا يُقبِل إلى النّور". يشرح يسوع هذا الحدث الخطير، وهو أنَّ النَّاس قرَّروا في قرارة وجدانهم، فوقفوا منهُ موقف الكفر والرفض! رفضوا المسيح وكلِمَتَهُ ورسَالتهُ وإنجيلهُ وصلبَهُ ومَوتهُ وقيَامَتَهُ! وبمَا أنَّهُم خالون من الحقّ قي قلوبهم، فإنَّهُم لم يَشعروا بشرِّ أعمَالهم وخطورة موقفهم المخيف الرَّهيب!

روحانيَّة عيد ارتفاع الصليب المقدَّس:
اليوم علِّقَ على خشَبَة، الذي علَّقَ الأرضَ على المياه. صليبُ العَار والذلّ والمَوت الذي ألقاه اليَهود على كتفي الرَّبّ يسوع المسيح، أصبَحَ لنا رمزَ الفخر والكرامَة والفِداء، وعلامَة حبِّ الله الكَامِل لنا. منذُ تاريخ هذا التحوُّل، لم تعُد نظرة المؤمن بيَسوع المسيح إلى الصليب نظرة ألم وتوجُّع وخوف ويَأس، وإنَّمَا نظرة فصحيَّة مقدَّسَة، نظرة الحبّ المنتصر على المَوت، نظرة الرَّجَاء والقيَامَة، التي يغذِّيهَا حبّ الرَّبَ الفادي والمخلِّص الإلهي أبداً، نظرة القلب المُفعم غبطة وفرحاً وابتهاجاً بالذي وَعَدَ بالخلاص ونفَّذ وعده.

هذا التحوُّل في فهم الصليب، الذي أعاد المؤمن إلى حقيقة المعَاناة، وبالتالي إلى حقيقة الحبّ الذي من دونِهِ لا يعرف الإنسان الحَيَاة، دفعَ بالكنيسَة أن تضعَ الصليب في مقدِّمَة مسيرَتِهَا وفي قلب عيشِهَا، بحيث أصبَحَ شِعَارَهَا ورمزَ حرِّيَتِهَا وعلامَة فرَحِهَا ومَجدِهَا.

ولقد حَمَلتْ هذِهِ الروحانيَّة الشَّعبَ المؤمن إلى أن يَرفعَ الصليب ويركِّزهُ في جميع أمكنة تواجدِه، من البيت إلى الكنيسَة، ومن المَدرسَة إلى الجَامِعَة، ومن السيَّارة إلى مكان العَمَل. ولِذلِكَ نراهُ ملقىً، باعتزاز، على صدور الشبَّان والشَّابات، ومعلَّقاً في أعناق الصغار والكبَار. لهُ مكان الصدارة في الكنيسَة كمَا في البَيت، حيث العائلة تصلّي بحبّ وتعيش بحبّ وتطمح إلى المستقبَل بحبّ.

مِنْ: "مَلعونٌ كلُّ مَن علِّقَ على خشبَة" إلى: "أمَّا نحنُ فننادي بالمَسيح مصلوباً"، هذا مَا تترجِمُهُ الكنيسَة في عيشِهَا الليتورجي، إذ تكلِّل أعيَادَها الليتورجيَّة بارتِفاع الصليب المقدَّس.

خاتِمَة
رويداً رويداً تقودنا الليتورجيا إلى القمَّة. إلى ملء الأزمنة، عندما يُصبح المسيح الكلَّ بالكلّ، وعندما يصبح هذا العَالم السائِر نحو التجلّي، تجلِّيه هو بالصليب، ملكوتاً... عندما ينتهي الشرّ باستقبال كلٍّ منَّا ملِكَ الحَيَاة فيُصبِحَ ابناً لله، ابناً للنّور: عندها تكون الآخِرة آخِرة عالمِ يَمضي وبدايَة العَالم الجَديد الذي ننتظِرُهُ بالأمَل (2 بط 3: 1).

ويَبقى السؤال: مَا هو موقفنا من الصليب والبشارَة وخِدمَة الرَّبّ واتبَاعِهِ؟ هل مَا زلنا قابلينَ أنَّهُ لا بدَّ مِن الصليب في حيَاتِنا؟

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit