لماذا إيليَّا الحيّ؟

كتابة الأب هياف فخري الكرمَلي


في اليوم العشرين من شهر تموز من كلّ عام، تحتفل الكنيسة المقدَّسة بعيد النبيّ إيليَّا – والمعروف شعبيًّا باسم: "مار الياس". لماذا إذن تحتفظ الكنيسة بشخصيّة بيبليّة تعود إلى أكثر من ألف سنة قبل الميلاد؟ وما علاقة هذه الشخصيَّة العظيمة بالكرمَل؟

1 - المَنحَى الكتابيّ في العهد القديم:
إنَّ التطورات التاريخيّة والخروج من حالة الحرب إلى السلام بين مملكة الجنوب وجيرانها، تتطلَّب إقامة تبادل الزيجات في أيام النبيّ إيليَّا حيث اتَّخذ الملك آحاب إيزابَل، إبنة ملك صور زوجةً له. إنَّ شخصية الملك الضعيفة، سمَحَ للملكة إيزابَل بإدخال عبادة الأوثان إلى إسرائيل. في هذا الوقت اختار الله إيليَّا الذي كان يعيش في مغارة مع بعض النساك على جبل الكرمَل، لكي يعيد العلاقة بينه وبين الشعب الذي أقامه مع موسى على جبل سيناء.

تأتي المُحرقة على جبل الكرمَل بعد أن انحبَسَ المطر مدَّة ثلاث سنوات. خرجَ المَلك آحاب طالبًا من النبيّ إيليَّا أن يطلب من الله أن يُرسِلَ المطر. أجابَهُ إيليَّا قائلاً: «حَيٌّ هُوَ رَبُّ الجنُود، الذي أنا واقفٌ أمامهُ«.

طلبَ النبيّ إيليَّا من الملك آحاب: «الآنَ أرسِل واجمَع إليَّ كُلَّ إسرائيلَ إلى جبل الكرمَلِ، وأنبياءَ البَعْلِ أربع المئة والخمسِينَ، وأنبيَاء السَّوَاري أربَع المئَةِ الَّذِينَ يأكُلُونَ عَلَى مَائِدَةِ إِيزَابَلَ«. وتوجَّه إلى الشعب قائلاً: «حتّى متى تَعْرجُونَ بين الفرقتَيْنِ؟ إِن كان الرّبُّ هو اللهَ فاتَّبِعُوهُ، وإن كان البَعْلُ فاتَّبعُوهُ«. وخلال المُحرقة صلَّى إيليَّا: «فسَقَطت نارُ الرَّبّ وأكلت المُحرقة والحَطب والحجارة والتراب... فلمَّا رأى جميعُ الشعب ذلكَ سقطوا على وجوههم وقالوا: «الرَّبُّ هو الله! الرَّبُّ هو الله«.

بعد أن قُتِلَ كهنةُ البَعل اسودَّت السَّماء من الغيم والريح، وكان مطرٌ عظيم. هربَ إيليَّا من وجه إيزابَلَ مجددًا قائلاً: «قد غرتُ غيرةً للرَّبّ إله الجنود، لأنَّ بني إسرائيل قد تركوا عهدكَ، ونقضوا مذابحكَ، وقتلوا أنبياءكَ بالسيف، فبقيتُ أنا وحدي، وهم يطلبون نفسي ليأخذوها«. أتى الله للقائِهِ قائلاً: «أُخرُج وَقِفْ على الجبل أمام الرَّبّ«. وإذا به يلتقي إيليَّا «بصوتٍ نسيمٍ عليل«، يطلبُ منه أن ينطلق من جديد. من بعدها خُطِفَ بمركبة ناريَّة إلى السماء.

2 - المنحَى الكتابي في العهد الجديد:
بَقيَ طيفُ إيليَّا حاضرًا في العهد الجديد أيضًا عند اليهود.

فما إن سمِعَ الفرّيسيون بالأعمال التي يقوم بها يسوع بعد أن قطعَ الملكُ هيرودس رأسَ يوحنَّا المعمدان، حتى قالوا إنَّ يوحنا المعمدان قام من بين الأموات، والبعض قال: «إنَّ النبيّ إيليَّا قد ظهر« (لوقا 7 \ 8 – 9).

هذا الطَّيفُ كان حاضرًا مع التلاميذ أيضًا عندما سألهم يسوع من هو في نظر الناس، فكان الجواب واضحًا أنَّهم يقولون بأنّهُ إيليَّا النبي.

في التجلِّي الإلهيّ للرَّبّ يسوع على جبل طابور، عادت صورة إيليَّا تظهر بقوَّة في العهد الجديد. «وصعد بهم إلى جبلٍ عالٍ منفردين وحدهم. وتغيَّرت هيئتهُ أمامهم وصارت ثيابه تلمع بيضاء جدًّا كالثلج... وظهر لهم إيليَّا مع موسى، وكانا يتكلَّمان مع يسوع« (مر 9 \ 2 – 4) .

كان إيليَّا حاضرًا بجسده الذي رفع به إلى السماء، مع موسى، يكلِّمان يسوع بالحدث الأهمّ في تاريخ الخلاص، أي آلام وموت وقيامة يسوع من بين الأموات.

اختار الله موسى وإيليَّا ليلتقيا يسوع على الجبل، لما يُمثِّلان كلٌّ منهما: فموسى يمثّل الشريعة والناموس، أمَّا إيليَّا فيمثِّل الأنبيّاء. جميعهم يتكلَّمون وينتظرون مجيء المخلّص. بذلك جاءَت شهادة موسى وإيليَّا كاعتراف العهد القديم بألوهيَّة المسيح، الرَّبّ والإله.

3 - إيليَّا والكرمَل.
إبَّانَ الحروب الصليبيَّة بدأ النسَّاك، والحجَّاج، والتائبون يتوافدون إلى الأراضي المقدَّسة، يعيشون على مثال الرَّبّ يسوع، يفضِّلون الأماكن المُقفرة، التي جذَبَت بدورها الرَّبّ يسوع المسيح إلى الإختلاء بعد معموديَّتِهِ على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن، حيثُ أمضى أربعين يومًا في حياة العزلة، والصوم، والصلاة...

هناك على جبل الكرمَل عاش هؤلاء النسّاك الحياة النسكيّة، يجاهدون الجِهَاد الحَسَن، مُنغلقين على ذواتهم في صوامعهم المتواضعة. بالإضافة إلى الأماكن التي عاش فيها النبيّ إيليَّا على جبل الكرمَل، «يعيش على جبل الكرمل نسّاك مقتدين بمثال النبيّ إيليَّا الرَّجل القدّيس، في المرتبة الأولى ديرٌ قائم على قمَّة جبل الكرمَل، وديرًا آخر قرب النبع المُسمَّى «نبع النبي إيليَّا«، ... يعيشون فيه حياة العزلة في المغاور المنتشرة في هذا المكان... « .

ما تزال الحياة النسكيّة التي بدأها إيليَّا على جبل الكرمَل مستمرَّة حتى يومنا هذا. تَعتبر رهبانيَّة سيِّدة جبل الكرمَل النبيّ إيليا مؤسِّسها، بما أنَّ النساك الأوَّلين سكنوا المغاورالتي سكنها إيليَّا النبيّ متَّبعين قولهُ «حَيٌّ هُوَ رَبُّ الجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ«.

في 26 حزيران 1725 سمَحَ البابا بنديكتوس الثالث عشر للإخوة الكرمليِّين، وضع تمثال النبيّ إيليَّا في بازيليك مار بطرس في الفاتيكان، في الأماكن المخصَّصة لمؤسِّسي الرهبانيات الخمس. ومن هنا فإنَّ روحانيَّة الرهبانيَّة الكرمليَّة هي إمتدادٌ لروحانيَّة النبيّ إيليَّا، مؤسِّسها عبر القرون «قد غِرْتُ غيرةً للرَّبّ إله الجنود «.

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit