الصوم الكبير والكرمَل ... إيمَان، رجَاء، ومحبَّة

كتابة الأخت ريتا عوّاد الكرمليَّة
(من الرّهبانيّة العلمانيَّة للكرمَليِّين الحُفاة – لبنان )


"... الإيمان، والرّجاء والمحبَّة"، وأعظمها المحبّة (ا كور 13:13).

في هذه الفضائل الإلهيَّة الثلاثة، نعمل جاهدين عبر مسيرة حياتنا المسيحيَّة اليوميَّة، أن نحيا الصوم المقدَّس بالدخول إلى عالم دعوتنا في حياة الكنيسة والكرمَل وروحانيَّتِه، أي إلى صومعتنا الداخلية، يقول لنا الرَّبّ يسوع: "وإِذا صُمتُم فلا تُعبِّسوا كالمُرائين، فإِنَّهم يُكلِّحونَ وُجوهَهُم، لِيَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّهم صائمون. الحَقَّ أَقولُ لكم إِنَّهم أَخذوا أَجَرهم. أَمَّا أَنتَ، فإِذا صُمتَ، فادهُنْ رأسَكَ واغسِلْ وَجهَكَ، لِكَيْلا يَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صائم، بل لأَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك" (متى 6: 16 – 18).

إنَّ حياة المسيحي مبنية على هذه الفضائل الثلاث، وهي تشمل كل ظروف الحياة المسيحية اليوميّة، في استسلامٍ كامل لعمل الروح القدس. وهي تسيرُ بها إلى درجاتٍ سامية في طريق الكمال، وحياة الإتّحاد مع الله. تقول القدّيسة تريزا ليسوع "الأفيليَّة": ": "إنَّ الكمال الحقيقيّ، إنَّما حُبُّ الله وحبُّ القريب، وبقدر ما نُتقِنُ حِفظَ هاتين الوصيَّتين، نكون أكثر كمالاً" (كتاب الأعمال الكاملة). في هذا المعنى الحقيقيّ، يتكوَّن البُعدُ العميق والرّوحي للصوم، قبل التفكير بهِ، وفي ما نريد الإمتناع عنه مدَّة أربعين يومًا.
يقول البابا فرنسيس: "فلنحافظ بالحُبّ، على كلّ ما وهبنا إيّاه الله". في المحافظة على المحبَّة، نكون شهودًا حقيقيِّين لِمَن أحبَّنا حتى الموت على الصليب. في المحبَّة، يتجلَّى انتماؤنا للرَّب، فيحوّلنا إلى رسل "محبَّة" قادرين على أن نجعله معروفًا ومحبوبًا من الآخرين ... يقول القدّيس يوحنّا للصليب: "من لا يُحِبّ قريبهُ، فهو يكره الله". وأيضًا: "إنَّ الله لا يجعل نعمتهُ وحُبَّهُ في النفس، إلاَّ بحسب إرادة النفس وحُبّها" (الأعمال الصغرى).

لا يحملُ الصَّوم معنًى حقيقيًّا من دون المحبَّة. في المحبَّة نحيا "الإيمان"، "، وفيه خبرة حياة شخصيَّة مع الرَّبّ وكلمته، وليس عبارة عن أفكار ثقافيَّة، وكلمات عاطفيَّة، وفي داخلنا حياة هي في الواقع غير صحيحة. تقول القدّيسة تريز الطفل يسوع: : "إنَّ الإنجيل هو أكثر من يخاطبني في صلاتي الشخصيَّة. أجدُ فيه كلّ ما ينقُص في نفسي الضعيفة. أجدُ فيهِ دائمًا، إلهامات جديدة، وموضوعات وتأمّلات روحيَّة وباطنيَّة" (كتاب الأعمال الكاملة).

إنَّ زمن الصوم، ليس فقط بالإمتناع عن الأكل وغيره، بل يدعونا إلى الإنقطاع عن مغريات العالم، ومحبّة القريب، والجوع إلى التأمّل في شريعة الرَّبّ ليلاً ونهارًا، أي في كلمة الحياة وتناولها بالإيمان، والرّجاء، والمحبَّة. يقول الرَّبّ يسوع: "لا تَكنِزوا لأَنفُسِكُم كُنوزًا في الأَرض، حَيثُ يُفسِدُ السُّوسُ والصَّدَأ، ويَنقُبُ السَّارِقونَ فيَسرِقون. بلِ اكنِزوا لأَنفُسِكُم كُنوزًا في السَّماء، حيَثُ لا يُفْسِدُ السُّوسُ والعُثّ، ولا يَنقُبُ السَّارِقونَ فيَسرِقوا. فحَيثُ يكونُ كَنزُكَ يكونُ قلبُكَ" (متى 6: 19 – 21). ويقول القدّيس يوحنا للصليب: "لا تُغذّي روحكَ بطعامٍ آخر غير الله" (الأعمال الصغرى). فنكون شهودًا، وتلاميذ جديرين للشهادة على حُبّه الأسمى لنا.


يقول البابا بولس السادس: "العالم اليوم بحاجة إلى شهود أكثر من حاجته إلى معلّمين، وإذا كان قد استمع إلى المعلّمين فذلك لكونهم شهود حقيقيين بالدرجة الأولى". هنا إيماننا، ورجاؤنا ومحبَّتنا. نعتقد في كثيرٍ من الأحيان، أنَّ عيش هذه الفضائل الإلهيَّة الثلاثة هو في الجلوس حول طاولة مستديرة، والحوار، والحديث عن الله وكيفية فهم الأسرار الإلهية. نعم، قد تكون هذه الطريقة من الطرق للشهادة، ولكنَّ البشارة لا تتحقَّق فقط على هذا النحو، بل بالدرجة الأولى بالعودة إلى حياة الصلاة، والتزام الصمت أمام واقع حياتنا، ومسيحيَّتنا في عيشنا لكلمة الله، وتنميتها في شخصنا، عائلاتنا، ومجتمعنا. يقول الرَّبّ يسوع: "وإِذا صَلَّيْتُم، فلا تَكونوا كالمُرائين، فإِنَّهُم يُحِبُّونَ الصَّلاةَ قائمينَ في المَجامِعِ ومُلْتَقى الشَّوارِع، لِيَراهُمُ النَّاس. الحَقَّ أَقولُ لكُم إِنَّهم أَخَذوا أَجْرَهم. أَمَّا أَنْتَ، فإِذا صَلَّيْتَ فادخُلْ حُجْرَتَكَ وأَغْلِقْ علَيكَ بابَها وصَلِّ إِلى أَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك. وإِذا صلَّيْتُم فلا تُكَرِّروا الكلامَ عَبَثاً مِثْلَ الوَثَنِيِّين، فهُم يَظُنُّونَ أَنَّهُم إِذا أَكثَروا الكلامَ يُستَجابُ لهُم. فلا تتَشَبَّهوا بِهِم، لأَنَّ أَباكُم يَعلَمُ ما تَحتاجونَ إِلَيه قبلَ أَن تَسأَلوه. (متى 6: 5 – 8).

أمامنا أربعون يومًا لزمن الصوم، تبدأ بيوم أربعاء الرَّماد حتى العشيَّة الفصحيَّة ليلاً، وخمسون يومًا من زمن القيامة، أيَّام كبرى ولكن غنيَّة بمواهب الروح القدس، تزوِّدُنا بالأمور الأكثر أهميَّة كي نشهد لإيماننا ورجائنا على محبَّة الرَّبّ في كل الأيام الباقية من السنة، هو الذي صامَ أربعين يومًا وأربعين ليلة، جُرِّبَ، تألَّمَ، صُلِبَ، ماتَ، دُفِنَ وقامَ من بين الأموات من أجلنا.

نعم نحن مدعوون إلى أن "نُعلن يسوع اليوم"، أي أن نعطي لحياتنا وحياة كنيستنا هذه النفحة الرسوليَّة والكرمليَّة، المبنيّة على الكتاب المقدَّس، وتعاليم الكنيسة الجامعة، وكتابات قدّيسي رهبانيَّتنا. ويبقى الأهمّ، هو في العلاقة الحقيقية مع سرّ يسوع المسيح الفصحيّ، علاقة صداقة مع ابن الله الحيّ، نبع الفرح، والرجاء، والمحبَّة للبشرية كلّها.

تقول القدّيسة تريزا ليسوع "الأفيليَّة": "يا ربّي الحنون، أنتَ حقًّا الصديق الحقيقي! بكونك الكلّي القدرة، ما أنت تريد تستطيع فِعلَه. وأنتَ لا تكفَّ أبدًا أن تكون إرادتك حاضرة تجاه مُحبّيك. ليرفع لك المديح كل ما هو على هذه الأرض، يا ربّ! كيف أستطيع أن أجعل صوتي يدوي في الكون كلّه. كي أبشّر كم أنتَ أمينٌ تجاه أصدقائك؟ باستطاعة جميع المخلوقات أن تنقصنا. أمّا أنتَ ربُّها، فلا تنقصنا أبدًا" (كتاب السيرة، الفصل 25).

صوم مبارك
الأخت ريتا للنبي إيليا الكرمَليَّة

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit