إكرام الطفل يسوع في الروحانية الكرمليَّة


كتابة الأخت نور يمّين الكرمليَّة


"... اتبعني": هذا ما تعنيه يدا الطفل يسوع. هو الملك وهو ربُّ الحياة والموت؛ يلفظ "اتبعني" ومن ليس معه يكون عليه... لنضع أيدينا بأيدي الطفل الإلهي ونجيب بـ"نعم" على ندائهِ "اتبعني"، فنصبح ملكهُ وتكون فينا حياته الإلهيَّة...
القديسة تريزا بنديكتا للصليب الكرمليَّة – سرّ الميلاد


إنَّ هذا التقليد والإكرام للطفل يسوع الإلهيّ – براغ، طبعَ الكرمَل بطابع التأمّل أمام هذا التشابه الكامل بين سرَّي التجسُّد والفداء، وفيهما، سرُّ الحُبّ اللاَّمتناهي، فميلاد المخلِّص وقيامته من بين الأموات، نعيشهما كلَّ مرَّةٍ اشتركنا في الذبيحة الإلهيّة. يا لهُ من سرٍّ عظيمٍ مقدَّس. فيه نحيا، ونستمرّ، ونتجدَّد... . سرٌّ لم يطرأ على بال لا الفلاسفة ولا علماء الديانات في بحثهم عن ذاك اللاَّمتناهي الآتي إلى العالم ليجدوه "طفلاً مقمطاً في مذود".

إنَّ التتلمذ في مدرسَة الكرمَل، يقودنا نحو هذا الإكرام المملوء حُبًّا، لنشهدَ عبر اختباراتنا التكرُّسيَّة والرَّسوليَّة على معجزة الحُبّ الكبير، الذي بهِ ومعهُ وفيهِ نحيا، ونسيرُ صعودًا صوبَ الجبل المقدَّس.

إنَّ أمَّنا القدِّيسَة تريزا ليسوع، حمَّلتنَا أهميَّة المحافظة في إكرام طفوليَّة يسوع، ليس فقط في أيَّام الزمن التحضيري الذي يسبق الميلاد، بل على مدار السنة كلِّها. ففي كلّ أسفارها وتأسيساتِهَا كانت تحملُ معها شخصًا وصورًا للطفل الإلهيّ، ولدى وصولها إلى كلِّ ديرٍ تزورهُ، كانت تخصِّصُ مذبحًا لهُ، ليتسنَّى للجماعة الديرية الوقوف دائِمًا أمامهُ، والتأمّل في تواضع الكلمَة الذي صار جسدًا وسكنَ بين بني البشر، ملؤهُ النِّعمَة والحقّ. تقول: "نظر إلى تواضع أمتهِ. هذا ما جعل الله ينزلُ إلى أحشاء العذراء، وبهِ نجذبهُ إلينا. صدّقوني إنَّ من كان له مزيدٌ من التواضع، ازداد امتلاكهُ لله".

في إكرامنا لطفولة الرَّبّ يسوع، نَعِي يومًا فيومًا، مِعنى ومكانة سِرّ التجسُّد في حياتنا، وفي إلهٍ، لكثرةِ محبَّتِهِ انحنى نحونا، إنحدرَ وزارَ أرضنا، ومازالَ حتى يومنا هذا يبحثُ عن الإنسان، كما "يبحثُ العاشِقُ ليلحقَ بحبيبِهِ"، هذه المحبَّة وحدها، ولا شيء سواها، قادرة على أن تمنحنا القوَّة، لننفُضَ عنَّا غُبَارَ الأيَّام، فنولد من جديد.

"بقدر ما تكرِّمونني، تحظَونَ بإنعَاماتي"، هذا ما قالهُ الرَّبّ يسوع للأخ الكرملي كيرلُّس لأمِّ الله، عندما وجدَ يديّ الطفل الإلهيّ مفقودتين. إنْ تأمَّلنا في كلمات الطفل يسوع الإلهي – براغ للأخ كيرلُّس، نرى أنَّها لا تتوقَّف اليوم على معانٍ عاطفيَّة، تُحرِّكُ مشاعرنا، لا بَل إنَّها توقِظُ فينا الإيمَان في تجسُّد الرَّبّ الذي اتّخذ طبيعة جديدة، مضيفًا إيَّاها إلى طبيعتِهِ الإلهيَّة، ألا وهي: "الطبيعة البشرية". نعم، هذا التجسُّد والشموليَّة في الحُبّ، أعطى الإنسان إمكانيَّة الإتحاد بالله في يسوع المخلِّص والفادي الإلهيّ الذي حَمَلَ طبيعتنا البشرية كما هي، بضعفها، وصارَ بارتفاعِهِ على عودِ الصليب، هو المقدِّم والتقدِمَة، الكاهن والذبيحَة، والحامل خطيئتَها، رافعًا كرامتهَا على الملأ، ومجدِّدًا صورتهَا التي تشوَّهَت.

إنَّ إكرامنا للطفل يسوع الإلهيّ، يذكِّرنا دائمًا في أنَّهُ قد صار لنا حبرًا عظيمًا، وأخًا مشابهًا لنا في كلِّ شيء ما عدا الخطيئة، طائِعًا حتى الموت موت الصليب. حقًّا! يا لهُ من إلهٍ، أمام عمقِ محبَّتِهِ، عظمَة، وأمام تواضعهِ تحارُ العقول، هذا الملك العظيم الذي يسود على الحياة والموت. كتبت القدِّيسَة الكرمليَّة الشهيدة تريزا بنديكتا للصليب: "آه! ما مِن قلبٍ يستطيعُ أن يُدركَ ما تعدُّه لمنْ يحبّونَكَ. أنتَ لي، أنتَ معي، حيثُما تأخذُني دروبُ الحياةْ. أنتَ معي، ولن يستطيعَ شيءٌ أن يفصُلَني عن حبِّك أبدًا".

إن التأمل في سر طفولة يسوع هو باب الولوج إلى التأمل في ناسوته، كما تعلّمنا أمنا القديسة تريزا ليسوع، مرسخةً أسس التأمل التريزياني في طريق الكمال والقداسة للإتحاد بالمسيح صورة الآب.

نعم، لقد صار الإلهُ الكلمَة جسدًا حقًا ليُعطينا إمكانيَّة أن نصير نحن أيضًا أبناءً لأبيهِ السَّماويّ بالنعمة، والحكمَة، والقامَة، أبناء الحريَّة وننادي "أبَّا" أيُّها الآب. فماذا نستفيد إذًا إن بقي إكرامنا لهذا الحُبّ الكبير غائِبًا ومجهولاً منّا وعن من هم حولنا؟ أو إن اكتفينا بزياراتٍ تقوية لطفل براغ أو الصور المقدسة للميلاد نملؤها بكافة الطلبات؟

يبقى لنا أن نَعِي دائِمًا أنَّ إكرامنا لسرّ تجسُّدهِ يجب أن نحياه في كُل وقتٍ، وكلِّ لحظة من حياتنا على هذه الأرض. في استعدادٍ روحيّ دائم ليولد طفل السلام في قلوبنا. هذه الولادة التي كوَّنت مِنَّا أعضاء حيَّة، وجدد، عندما خُتِمنا بسرّ المعموديَّة المقدَّسَة، لولادةٍ وتجدّد دائم في الإله الحيّ والحاضر في قلوبنا، وحياةِ كلٍّ منَّا.

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit