على دروب الصلاة مع تريزا ليسوع 4
كتابة الأب فاليري بيطار الكرملي

"وما عساه يفعل في هذه الحال من لا يُلاقي، بعد ايامٍ طويلة، سوى اليبوسة، والسأمَ، والإمتعاض، والنفور، للإقبال على رفع الماء؟... إنّه ليفرح، ويشعر بارتياح، ويعتبر نعمةً عُظمى العملَ في بستان سيِّدٍ، كهذا السيّد، عظيم...وأنّ هدفه يجب أن يكون مرضاتَه لا مرضاةَ نفسه...ولا يُهملنَّ التأمّل أبدًا، بل فليزمعنَّ على ألاَّ يدعَ المسيحَ يسقط تحت الصليب ولو دامت اليبوسة حياتَه كلَّها، فسيأتي زمنٌ ينال فيه جزاءَ أعماله كلِّها" (السيرة11، 10).

تُشير القديسة تريزا إلى بعض الصعوبات التي تواجه المصلّي في بداية الطريق. فكَم مِن مرّة نتشكّى بأنّنا عندما نختلي للصلاة لا نشعر بشيء لا بل نشعر بالنفور واليبوسة والسأم والرغبة بترك الصلاة؟ كم مِن مرّة ينتابنا الشعور بأنّ صلاتَنا لا نفعَ لها، بأنّها وقت ضائع؟ كم مِن مرّة يعذّبنا التشتت والنعاس؟ كلّها أمور عرفتها تريزا بخبرتها ووجدت لها العلاج الملائم. تعتبر تريزا بأنّنا نعمل لحساب سيّد البستان ونحن موكّلون في خدمته، فمن ينهج طريق التأمّل هو كمن تجنّد لخدمة السيّد الحقيقي يسوع المسيح. قد يسمح الربّ بأنْ نقترب مِن البئر لننشل الماء ونروي البستان ولكن دون جدوى، أيْ إنّنا لا نجد المياه اللازمة وبالتالي نُخرج الدلو فارغًا. تقول تريزا بأنّه علينا في حالةٍ كهذه أنْ لا نفقد الثقة ولا نخاف أو نهرب بل أنْ نشعر بالفرح لأننا بهذا نتعلّم خدمة الرب مجّانًا. التأمّل ليس عملاً فرديًّا إنّه خدمة نقوم بها في قلب الكنيسة، فالصلاة، حتى تلك التي نقوم بها لوحدنا، هي مع الكنيسة ومِن أجلها. المُهِم في التأمّل هو الأمانة والمثابرة بغض النظر عن نوعيّة شعورنا الداخلي، عمّا إذا كنّا نشعر بتعزيات داخليّة أو بأنوار غزيرة أم لا. يرغب الرب بأنْ يعلّمنا أنْ نخدمه بمجانيّة وبدون مصالح شخصيّة، هكذا يكون الحُب أصفى وأصدق، يعرف الربّ متى وكيف يكافئ النفس على جهودها، على النفس أنْ تسعى لتبقى أمينة حتى وسط الصعوبات. يُبرهِن الإنسان عن مصداقيّة حبّه عندما يُظهِر إستعداده على أنْ يُعطي دونَ مُقابِل. يضعنا الرب على المِحَك عندما يمنع عنّا المياه ولكن هذا لا يَعني بأنّ مجهودنا قد ذهب عبثًا، المهم، تقول تريزا، أنْ لا ندع المسيح يقع تحت الصليب، أي أنْ لا ندعه يحمل الصليب وحده، إنّها مناسبة لنحمل الصليب مع المسيح، أنْ نشاركه في حمل عبء خطيئة العالم.