Page d'accueil Notre Histoire
تاريخ الرَّهبانيَّة الكرمليَّة – الجزء الثاني

كتابة الأب هياف فخري الكرمَلي

3 – نساك جبل الكرمَل قبل قانون البرتس

ينقل الأب Florencio del Niño Jesus في كتابه Estudio historico-critico سنة 1924، عن Jacques de Vitry وهو كاتب معاصر لهذه المرحلة كان يتبوّء مناصب كنسية مهمة في كنيسة أورشليم، في مدينة عكا ما بين 1216 و 1228. يتكلّم على هؤلاء الصليببن الذي اعتنقوا الحياة الرهبانية النسكية في فلسطين على مثال الرب يسوع، أنهم يفضلُون الأماكن المقفرة، التي جذبت بدورها السيد المسيح الى الإختلاء بعد معمودية يوحنا على نهر الأردن، وحيث أمضى أربعين يوما في حياة العزلة والصوم والصلاة... هناك يعيشون الحياة النسكية، ويجاهدون الجهاد الحسن، منغلقين على ذواتهم في صوامعهم المتواضعة.

لم يعترف المؤرخون الكرمليون بأي تاريخ رسمي لبدء الرهبانية الكرملية على جبل الكرمَل قبل قانون القديس البرتس ورئاسة بروكاردس. لكن الدراسات التاريخية تبيّن ان الحياة النسكية على جبل الكرمَل كانت مزدهرة قبل بداية القرن الثالث عشر.

في بداية الحركة النسكية الغربية على جبل الكرمَل أي في الحقبة اللاتينية، برزت حوالي سنة 1153 شخصية البطريرك اللاتيني "Aymericus Malafayda". ورد في رسائل القديس "Cirillo" ان البطريرك "Aymericus Malafayda" هو مندوب الكرسي الرسولي في فلسطين. سعى خلال هذه الفترة مع النساك الواصلين حديثاً الى جبل الكرمل الى الانصياع والطاعة للقوانين المرعية بين النساك اي قانون "Juan de Jerusalemme" الذي أمر بترجمته من اليونانية الى اللاتينية. أدخل البطريرك "Aymericus Malafayda" نذر الطاعة الى رئيس على النسّاك بحيث يترأس واحد منهم عليهم فيقدم له الطاعة جميع النسّاك بصفته أب للجميع. وبذلك يكون قد جمع كل النساك المنتشرين على جبل الكرمل تحت طاعة ناسك واحد يُنتخب من بينهم، بذلك يكون قد ربطهم بنذر الطاعة الرهباني على طريقة الرهبانيات الديرية. يذكر "Cirillo" أن البطريرك تدخّل شخصياً لأنتخاب رئيس جديد بعد موت الرئيس القائم عليهم بين سنة 1153 و 1154 1.

وحوالي سنة 1158، انتخب بالإجماع الرئيس "Bertoldo " من قبل نسّاك جبل الكرمل، وبقي في منصبه كرئيس للنساك حوالي اربعين سنة إلى أن توفي سنة 1198. وعمل "Bertoldo " خلال فترة رئاسته على تطبيق المبادئ التي ارسى عليها الحياة النسكية البطريرك "Aymericus Malafayda". كان "Bertoldo " كاهنا من عائلة نبيلة وناسكاً قديساً، ذو علم وثقافة واسعة بالنسبة الى عصره، تربطه اواصر قربة بالبطريرك نفسه.

إتبع “Bertoldo” في خلال رئاسته القانون الذي عمل به إنطلاقاً من قانون "Juan de Jerusalem" بالنسبة الى الطاعة الذي تحوّلت مع تدخّل البطريرك الى نذر مقدّس امام الرئيس المنتخب من بين النسّاك انفسهم.

4 - الأديار التي نشأت على جبل الكرمَل في القرن الثاني عشر

يذكر "Cirillo" في إحدى رسائله أن الرئيس "Bertoldo" أدخل الى حياة نساّك جبل الكرمل الحياة الجماعية المحصنّة ضمن جدران عالية تحيط بالدير من جميع النواحي، وتفصل النسّاك عن العالم الخارجي.

عمد الرئيس "Bertoldo" إلى تنمية الحياة الجماعية بين نسّاك جبل الكرمل بإشادة الأديار ضمن بقعة جغرافية محددة بجدران عالية تسيّج كل المساحة المخصصة للمناسك وإقامة النسّاك. وساعدت مرتبة الرئيس الإجتماعية على إستقطاب مساعدة البطريرك "Aymericus" ورؤساء أورشليم، ونبلاء الصليبيين لكي يشيِّدوا عدة أديارعلى جبل الكرمَل.

من هذا المنطلق نستطيع تقسيم الحياة النسكية في القرن الثاني عشر الى قسمين:

ينقل الأخ "Gunter" وهو راهب من رهبان القديس مبارك من دير" Abadia de paris " في كتابه “ Historia Constantipolitana” 2 خلال رحلة قام بها الى الشرق سنة 1204 "يوجد على هذا الجبل، أي جبل الكرمَل، ثلاثة أديار رهبان كل منهم منفصل عن الآخر، يحيط بهم أملاك تتبع لهؤلاء الرهبان".

يذكر "Jacques de Vitry" في كتابه " Historia Orientalis et Occidentalis" بأن هناك ثلاثة أديار على جبل الكرمَل ويصفها كالآتي: "يعيش على جبل الكرمَل نسّاك مقتدين بمثال النبي ايليا الرجل القديس؛ في المرتبة الأولى دير قائم على قمة جبل الكرمَل المطلة على مدينة حيفا، وأيضاً ديرٌ آخر قرب النبع المسمى نبع النبي إيليا، وليس بعيداً عن دير القديسة مريم العذراء؛ ويوجد دير حيث يعيشون فيه حياة العزلة في المغاور المتشرة في هذا المكان... 3"

أ - دير الناسك "Bertoldo" على قمة جبل الكرمَل

الدير القائم على قمة جبل الكرمَل المطلة على مدينة حيفا عرف هذا الدير بدير الناسك "Bertoldo" سنة 1161 مرّ على الأراضي المقدسة الرابين "Bejamin de Tuleda" وهو يهودي إسباني من معلمي الشريعة اليهودية. زار خلال زيارته جبل الكرمَل والتقى "Bertoldo" وكان يعرفه من قبل. ذكر قائلاً: "أنه بالقرب من مغارة النبي أيليا شيّد "Bertoldo" كنيسة صغيرة على اسم النبي ايليا على قمة جبل الكرمل...4"

سنة 1177 ذكر الرحالة الناسك "Juan de Focas" في كتابه 5 : "De locis Sanctis" "هناك على جبل الكرمل يوجد منذ زمن طويل دير خرب بفعل الطبيعة ... ولكن منذ عدة سنوات جاء اليه راهب شعره ابيض وهو كاهن، أتى من "Calabria" بإلهام خاص من النبي إيليا. من بعد ما شيّد هذا الراهب على انقاض الدير القديم برجاً وكنيسة جمع من حوله عشرة نسّاك وهم ما يزالون يسكنون الدير حتى يومنا هذا.

ب – دير الناسك "Brocardo" قرب نبع النبي إيليا

يعرف هذا الدير بإسم الناسك "Brocardo" مع أنه شيّد خلال رئاسة الناسك "Bertoldo"، وذلك بسبب نيل القانون الأول الذي أعطاه القديس "Albertus" بطريرك أورشليم، الى النساك القائمين في الدير قرب نبع مار الياس. فهو أوسع وأكبر من الدير القائم على قمة جبل الكرمل. في ذلك الوقت، ضمّ العدد الأكبر من النسّاك حسب ما امر بإنشائه البطريرك "Aymericus Malafayda".

ج – دير المئة مغارة

هذا الدير الثالث الذي اشاده الناسك "Bertoldo" على جبل الكرمل حسب مار ورد في كتاب الراهب "Gunter"، والذي يذكره شاهد العيان "Jacques de Vitry"

يصف الدير بهذه الكلمات الأب "Felippe de la santissima Trinidad" قائلاً: "يوجد على جبل الكرمل أكثر من مئة مغارة منتشرة كانت قد سكنها قديماً النسّاك الكرمليون، وذلك لم أر في اي مكان آخر المناسك مجتمعة مثل هذا المكان وذلك لغاية الآن (1642)، تسمى من قبل السكان المحليين "بقمة الرهبان". تقع هذه القمة من الناحية الغربية من وسط الوادي على بعد خمسة أميال من نبع النبي ايليا ... في داخل القمة حفرة المناسك أكثر من أربعماية مغارة مع ما تتطلبه الإقامة من شبابيك وأوسدة حفرة بدورها في الصخر ...6" .