تاريخيَّة الطِفِل يسوع في الكَرمِل
كتابة النَّصّ: الأب نوهرا صفير الكَرمَلي
يَحمِلُ لنا التقليد الكَرملي تراثاً عميقاً حول أهميَّة إكرام الطِفِل يسوع. فبدايتهُ كانت مِن على جَبَل الكَرمِل مَع النسَّاك الأوائِل، وصولاً إلى القدِّيسَة تريزا ليَسوع الأفيليَّة والقدِّيس يوحنَّا للصليب اللذين نشرا هذا الإكرام حوالي عام 1550.
وقد اعتادت القدِّيسَة تريزا ليسوع في كلِّ أسفارهَا أن تأخذ مَعَهَا تمثالاً صغيراً للطفل الإلهي. وفي كافَّة الأديرة التي كانت تصلُ إليهَا، كانت تخصِّصُ مذبحاً جميلاً للطفل يسوع حيثُ غالباً ما كانت تأتي الراهبَات للصلاة أمامهُ، ولدى مغادرتهَا كانت تتركُ لهنَّ صورة تذكاريَّة كهديَّة منهَا.
وهَا هي القدِّيسَة تريز الطِفِل يَسوع والوجه الأقدَس تأخذُ مِنَ الطِفل الإلهي إسماُ لهَا ومثالاً لمسيرتِهَا الرّوحيَّة معَنْوِنَةً إيَّاهَا "بالطريق الصغير"، والكَنيسَة إلى يومِنَا هذا لا تزال تَجِد في طفولتِهَا الرّوحيَّة طريقاً أساسيّاً لكلِّ قداسَة.
أمَّا بالنِسبَة لإليزابيت للثالوث، فكانَ للطِفل يَسوع مكانتهُ الخاصَّة، وقد تجلَّى ذلِكَ في تأمُّلِهَا الدائِم والمستمِرّ بسرِّ التجسُّد، متحدِّثةً عن طِفلِ المغارَة وعن أمِّهِ مَريَم العَذراء أثناءَ فترةِ حَبَلِهَا بخالِقِ الكَون ومخلِّصِ العَالم.
مِن دونِ أن نَنسى أيضاً القدِّيسَة تريزا بنديكتَا للصليب والمَعروفة بإديت شتاين والتي رأت في الطِفل يَسوع وفي سِرِّ التجسُّد والميلاد تحقيقاً للوَعد الَّذي رَسَمَهُ الله لشعبِهِ ورمزاً للعَطاء الكَامِل والحبّ غير المشروط وصولاً للصَّليب وبذل الذَّات في سبيلِ أحبَّائِهِ.
وتمثُّلاً بعمَالقة الكَرمَل والكنيسَة، تولَّى الرُّهبَان والرَّاهِبَات الكَرمَليَّات وحتَّى يومِنا هذا مهمَّة نشر إكرام طفوليِّة السيِّد المَسيح في كافَّة الأديرة حيثمَا حلُّوا.
موسيقى
ما هي قصَّة الطِفِل يسوع وعلاقتهِ بالكَرمَل؟
أُحضر تمثال "الطفل يسوع - براغ" البالغ تسعة عشر إنشًا والمصنوع من الشمع الرقيق الأخّاذ، إلى بوهيميا من قبل "ماريا مانريكي دي لارا"، وهي أميرة إسبانية، كهديَّةِ عرسٍ مِن والِدتِهَا.
بدورها، أعطت ماريَّا هذا التمثال الثمين، لابنتِهَا الأميرة "بوليسكين.
في سنة 1623، عندما أصبحت هذه الأخيرة أرملة، قرَّرت تكريس بقيّة أيَّامها لأعمال التقوى والمحبّة. من بين المستفيدين منها، "دير الكرمل في براغ".
كانَ الرهبَان الكرمليّون يمرون بضيق شديد، فأُوحِيَ للأميرة بوليسكين ضرورة تكريم التمثال لتفيض منه الخيرات.
أحضرت عندها الأميرة التمثال للرُّهبان، وطلبت منهم تكريمه ليخرجوا من حالة العَوَزْ.
كانت نتائج التكريم باهرة، فقد حصل الرهبان على خيرات روحيّة وزمنيّة جمّة، أكّدت لهم أنَّ تمثال الطفل الإلهيّ هو نِعمَة، وأنَّ الطريقة التي وصل بها إلى رهبانيَّتهم، عن طريق الأميرة "بوليسكينا" لم تكن اعتياديّة.
وفي 15 تشرين الثاني سنة 1631، قام الملك "غوستافس أدولفوس"، ملك السويد، بغزو براغ، حيث نهب وجيشه الكنائس والأديرة. ومع هروب الرهبان نسوا أن يأخذوا تمثال الطفل الإلهيّ. فوجده الغزاة ورموه في كومة من النفايات بشكل مهين. وبالرغم من أنّه مصنوع من الشمع، فلم يتضرّر باستثناء فقدان يديه، وبقي منسيًّا لسبع سنوات.
ولمّا عاد السلام، عاد الرهبان إلى أديرتهم ولكنَّ التمثال بقيَ منسيًّا حتَّى وصول الأخ الكَرمَلي "كيريللوس لأمِّ الله" الذي كان متعبّدًا للطفل الإلهي، وبدأ البحث عنه إلى أن وجده. فقام بوضعِهِ بالرُّغم مِن تشوُّهِهِ على المذبح في كنيسة صغيرة.
وذات يوم، وبينما كان الأخ "كيريللوس" يُصلّي أمام التمثال سمع الكلمات التالية: "ارحمني وسأرحمك، أعطني يدي وسأعطيك السلام". عندئذ لاحظ الأخ كيريللوس أن يديّ الطفل الإلهيّ مفقودتين: أخذ الطفل المحبوب إلى رئيس الدير وطلب منه ترميم التمثال. ولكن دون جدوى، إذ أنَّ الرَّهبَانيَّة كانت تعاني الفقر. ولم يستسلم الأخ "كيريللوس" فقد صلَّى بإيمَان كبير لنيل مساعدة وثقته وإيمَانِهِ بالله أعطته المكافأة.
فيما بعد، ومع الحصول على كميّة كبيرة من المال، اعتقد رئيس الدير أنّه من الأفضل شراء تمثال جديد عوضًا عن إصلاح التمثال القديم. ولكن التمثال الجديد لم يُسلَمْ. فأصبح من المؤكَّد ضرورة أن يبقى التمثال القديم هدفًا للعبادة والإحترام. استقال رئيس الدير قبل أن تنتهي فترة رئاستِهِ. وكان من المُمكن تصليح التمثال من جانب الأخ "دومينيك للقدِّيس نيقولاوس" ولكن إمكانيّات الدير كانت ضعيفة. وبرز هنا اقتراح الطفل الإلهيّ:
"ضعوني بجانب السكرستيّا، وستحصلون على المال". وقد فعل الأخ كيريللوس ذلك، وتمّ مكافأة إيمانه بشكل واضح.
إذ دخل غريب إلى "السكرستيّا" وعرض أن يتحمّل ترميم التمثال، وبإذن من رئيس الدير، حصل الأخ كيريللوس على صورة الطفل العجائبي يسوع مرمّمة.
في هذه الفترة، تفشّى مرض الطاعون في المدينة وأُصيب به رئيس الدير أيضًا. بعد أن تمّ تذكيره بالتمثال العجائبي، نذر بتطواف القربان المقدّس وأقيمَت تساعيَّة صلاة للطِفل الإلهي، فحصل على الشفاء تدريجيّا. وبعدما أتمَّ نذره وضع الصورة المقدّسة في غرفة أخرى ليكرِّمَهَا بإيمَان وحبّ.
تعرّضت الرَّهبَانيَّة مجدّدًا لمشاكل ماديّة قاسية، أمر رئيس الدير كلّ الرهبان بأن يشتركوا في عبادة خاصّة للطفل الإلهي، وبعد ثلاثة أيّام تمَّ الحصول على حسنات وافرة وغير متوقّعة.
وللامتنان أُخِذَ التمثال إلى الكنيسة حتّى يتسنّى للمؤمنين أن يشتركوا في إكرامِهِ. وقد حظي المكرِّمون للطفل الإلهيّ بالنعم والشفاءات العديدة.
وفي سنة 1642، أقام البارون "بينسنيافون لوبكوويتز" كنيسة صغيرة للطفل الإلهيّ وفي سنة 1644، في عيد اسم السيّد المسيح المقدّس، تمّ مباركة الكنيسة واحتُفِل بالإفخارستيَا فيها للمرّة الأولى. ومنذ ذلك الوقت دخل عيد الإسم المقدّس ليسوع في الروزنامَة الليتورجيَّة، وتحتفِل الكَنيسَة المقدَّسَة والرَّهبَانيَّة الكَرمَليَّة بعيد الطِفِل يسوع براغ في الأحد الثاني بعد الغطاس.
الطِفِل يسوع –
براغ في لبنان
"دعوا الأطفالَ يأتونَ إليَّ فإنَّ لمثل هؤلاء مَلكوتُ السماوات".
إنَّ الله صار طفلاً وتجسَّد وسَكَنَ أرضنا وكان مثالاً للمحبِّة والتواضع والسلام.
ويَسوع الطِفِل هو موجودٌ بيننا وباقٍ مَعنا في لبنان، هذه الأرض المقدَّسة التي زارها. فتمثالُهُ مَوجودٌ وينتظرنا دائماً في دير يقع في بلدة المعيصرة – فتوح كسروان، ويحمل إسم دير جَبَل مَار الياس.
ما هي تاريخيَّة هذا الدير؟ وكيف وَصَلَ تمثال الطِفِل يَسوع - براغ؟ والمعَاني والرموز الليتورجيِّة التي يحملهَا مَعه هذا الطِفِل الصغير إلى كلّ بَلد يزورهُ والتي من خلالهَا يجذب ألوف المؤمنين إلى تكريم.
يقع دير جبَل مَار الياس للرَّهبَانيّة الكرمليِّة – مزار الطِفِل يَسوع \ براغ، على مرتفعَات نهر ابراهيم، في بلدة إسمهَا "المعيصرة" فتوح كسروان التي ترتفع نحو 400 متر عن سطح البَحر.
و في 20 تمّوز 1995، تمّ إفتتاح الدَّير، ومِن بعدهَا أشرفَ الرهبَان على تسريع الأعمَال ليستقبل الدَّير أوَّل جَمَاعَة رهبَانيِّة.
كُرِّس هذا الدَّير على إسم النبيّ إيليَّا، نظراً للعَلاقة الرّوحيِّة، الرَّسوليِّة – التأمليِّة، التي تربط الكرمل بالنبيّ إيليَّا، رسول الله وناسِك الكَرمِل، وهذه العلاقة هي في أسَاس الكرمِل ونشأته وجذوره.
بسبب مَوقع الدَّير البعيد نسبياً عن الضجيج، وبسبب العزلة التي هي صفة أساسيّة له، خُصِّص أيضاً ليكون مَركز للرياضات الروحيِّة. وهذا الدير يفتح أبوابه ليستقبل الجَمَاعَات الكنسيِّة، والرِّهبَانيِّة والعلمَانيِّة، مِن مختلف أنحَاء لبنان والخارج، والتي تقصده بهَدَف الصلاة والتأمّل.
والدّير يحتفل بعيد الطِفِل يَسوع – براغ في الأحَد الثاني بعد الغطاس.
تقع الكنيسة التي فيهَا نجد الطِفل يسوع، في وسَط الدير التي هي الفاصِل بين مَبنىً يسكنه الرّهبَان ومَبنىً لإستقبَال الريَاضات الروحيِّة. وتزيِّن جدرانهَا رسمتين كبيرتين: الأولى، عن يَمين المَذبَح التي تمثِّل النبي إيليَّا راكباً عربة من نار نحو السمَاء وهو بدوره يعطي سهمين مِن نار لتلميذه أليشاع. والثانية، عن شمال المَذبَح، التي تمثِّل العَذراء مَريَم سيِّدة جَبَل الكَرمل، عندما ظهَرت للقدّيس سيمون ستوك يوم 16 تمّوز سنة 1251 وأعطته ثوب الكرمِل. كمَا وأنَّهُ توجَد لوحَة شمَال الكنيسة رُسِمِت عليهَا صورة للقدِّيسة تريزا ليَسوع الأفيليّة، والصورة الثانية عن يَمينهَا هي للقدّيس يوحنَّا للصليب، هذين القدّيسَين الذين أصلحَا رهبانيَّة الكرمل. كمَا وأنَّهُ تزيِّن الكنيسة زجَاجيَّات رُسِمَ عليهَا قدّيسو الكرمل الذينَ بسيرة حَيَاتهم تركوا لنا شهَادة حقيقيّة صوب طريق الكَمَال.
كان لهَذا الدير محطَّات مميَّزة تركت بتاريخهِ أجمَل ذكرى تعبِّر عن أهميِّة وجوده ومَوقعه الروحي والجغرافي. وفي يوم 23 تشرين الأوَّل سنة 2005 السَّاعَة 3:30 بَعد الظهر، استقبَلت كنيسَة الدير، نسخة أصليِّة عن تمثال "الطِفِل يَسوع – براغ". بعد الجهود التي قام بهَا سفير الجمهوريِّة التشيكيِّة في لبنان ورهبَان الكَرمِل في براغ، ولبنان.
وجود الطِفِل يَسوع هو توأمة بين البَلدين هو رمز حقيقي للسَّلام، ولبنان هو بأمسّ الحَاجة إلى هذا السَّلام. والجَمَاعَة الدَّيريَّة والمؤمنون يكرِّمون تجسّد السيِّد المسيح بيننا كلّ 25 مِن الشهر بصلاة المَسبَحَة والقدَّاس الإلهي، تذكاراً لميلاده في 25 كانون الأوَّل.
عندمَا وَهَبت الأميرة بوليكسين الطِفِل يَسوع لرهبَان الكَرمِل سنة 1623 قالت لهم: سوفَ إعطيكم أعزَّ مَا أملِك، حافظوا على هذا الطفل الصغير وكونوا متأكِّدين مِن أنَّ عنايَته فيكم مستمرَّة طالما هم يكرِّمونهُ.
وهكذا تمّ، لأنّه بَعد حالة الجوع والفقر التي عاشَهَا الرهبَان عرفوا فترة من النِعَم والبَرَكة. وكرِّت سُبحة العَجَائب وسُجِّلِت الشفاءَات، ومِن بين الذين نالوا نِعمة الشفاء كان رئيس الدير الذي أصيب بمَرَض الطاعون.
يَسوع الذي شفى الأعمى والمخلَّع وأقام المَوتى ليس من الصعب عليه أبداً وهو طفل من أن يمنح النِعَم والعَجَائب. وكثير مِن النسَاء الذين يعَانون مِن عدَم الإنجَاب كان الطِفِل يَسوع يسمَع نوايا قلوبهم ويستجيب لهَا. هذه النعَم والعَجَائب الروحيِّة والجَسَديِّة التي يشهَدها دير جَبَل مَار اليَاس هي أكبَر دليل مِن خلال شهَادات الناس الذين يَلتجئون إلى الطِفِل يَسوع.
ملابس الطِفِل يسوع
لكلّ زمَن ليتورجي لون خاص. ولكلّ لون رمز. والطبيعة تتّشح بتبدُّل فصول السنة، بألوان مختلفة. وهكذا الكنيسة عبر عيشهَا الأزمنة الليتورجيّة ترتدي أجمَل الألوان التي هدفهَا هو التعبير وبطريقة مميَّزة عن عيشها لأسرار الإيمَان.
أمَّا تغيير مَلابس الطِفِل يَسوع لا يتمّ في أيِّ وقت كان، بل يخضَع لكلّ زمَن ليتورجي ويتبدَّل مَعه أي حوالي ال الخمس أو ستَّة مرَّات في السنة أو بحَسَب أعيَاد الكنيسَة ومناسبَاتهَا.
اللون الأبيض أو الذهبيّ: يرمز إلى الفرح والطهَارة أي الولادة الجديدة وأيضاً يرمز إلى الملوكيِّة. ويُستعمَل بالزمَن الفصحيّ والزمَن الميلاديّ – والأعيَاد السيِّديِّة مَا عدا آلام الرَّب ويُستعمَل أيضاً في أعيَاد وتذكارات أخرى كالأعياد المَريَميّة والملائكة والقدّيسين غير الشهداء.
اللون الأحمَر: يرمز إلى الحبّ والشهَادة. ويُستعمَل بأحَد الشعَانين وآلام الرَّبّ – ويوم الجمعَة العَظيمة، وأحَد العنصرة والأعيَاد الأخرى كإرتفاع الصليب والأعيَاد الخاصَّة بالرسل والإنجيليِّين والشهَداء.
اللون الأخضر: يرمز إلى الأمَل والطبيعَة أي الحَيَاة، ويُستعمَل بالصلوات والقداديس الخاصَّة بالزمَن العَادي.
اللون البَنفسَجي أو الموف: يرمز إلى التوبة والسَهَر بانتظار مَجيء العَريس، وهذا اللون هو ليس لونُ حزنٍ في الكنيسَة اللاتينيّة. لأنَّهُ ليس مِن حزنٍ في الكنيسة. دائماً إيماننا هو في يسوع القائم من المَوت والحاضر في سرّ الإفخارستيَّا، إنَّمَا هذا اللون هو لون انتظار وتوبة. كَمَا الشمس عند مغيبِهَا تعطي هذا اللون البنفسَجي بانتظار شروقهَا في يوم جديد. فالكنيسَة تستعمله في زمَن الصوم الذي هو ستة أسابيع قبل الفصح بانتظار شروق النور من القبر ليلة الفصح، وأربَعَة أسابيع من زمَن المَجيء قبل الميلاد بانتظار شروق النّور مِن المذود ليلة الميلاد.
اللون الزهري أو الوردي:
يرمز للفرَح الرّوحي. وتستعملهُ الكنيسَة في الأحَد الثالث مِن زمَن المَجيء والأحَد الرابع مِن زمَن الصوم، دلالة على طابع الفرح والذي تستعدّ الكَنيسَة لعيشِهِ.
أمَّا التاج الذي نراه على رأس الطِفِل يَسوع هو رمز للملوكيّة التي نراهَا في مَشهدَ دخوله كمَلِك إلى أورشليم يوم أحد الشعانين، ومَشهَد الآلام كإكليل الشوك والجملة اللي كُتبَتْ فوق رأسه وهو على خشبة الصليب التي تعلن إنَّ يسوع الناصري مَلك اليَهود، وأيضاً في مَشهَد مَجيء المَجوس وسجودهم للطفل يَسوع المَلِك.
أمَّا الكرة الأرضيَّة التي يحملهَا في يده هي علامة على أنَّهُ يحمل العَالم كله بيده وأنَّه هو باقٍ معنا طول الأيَّام حاملاً أوجَاعنا وهمومنا وهو يدعونا ويقول: "تعَالوا إليَّ جَميعاً أيُّهَا المتعبون والثقيلي الأحمَال وأنا أريحكم". وبالإيد التانية عم يعلن: أنا الطريق والحقّ والحَيَاة، ويشير بذلِك لوحدة الثالوث الأقدس.
يَبقى لنا الطِفِل يَسوع وللرَّهبَانيِّة الكرمليِّة التي لهَا تاريخ قديم معه مِنْ على جَبَل الكَرمِل، أعظم رمز وأمَانة لتجدُّد دائم مِن خلال تكرُّسهم لهُ مَع القدِّيسة تريزا ليَسوع الأفيليِّة ويوحنَّا للصليب. وهذه المَسيرة مَازالت مَوجودة ومستمرَّة مِن خلال وجود الكَرمَليِّين والكَرمَليَّات في كلّ أنحَاء العَالم يبشرون بيسوع المَولود في مذود والمائِت على خشبة الصليب والقائم من بين الأموات، هذا الإله الذي وراءَ تواضعه عظمة وخلف حنانه قوِّة ليس لهَا حدود.