Page d'accueil Articles
Liturgie
Liturgie

يَومُ الرَّبّ، يَومُ القيَامَة حسب الطقس اللاتيني
كتابة الأب نوهرا صفير الكَرمَلي

"قمتَ مِن بين الأموات، وهَا أنا مَعَكَ: وَضَعتَ يَدَكَ عَليَّ، عِلمُكَ عجيبٌ فوقَ طاقتي، هللويَا."
( مِنَ الليتورجيَّة اللاتينيَّة في أحَد الفِصِح، قدَّاس النَّهَار).


مقدِّمَة
"تحتفل الكنيسة بالسرّ الفصحيّ طبقاً لتقليد رسوليّ يرجع أصله إلى يوم قيامَة المَسيح نفسِهِ مِن بين الأموات، كلّ يوم ثامن، وقد دُعي هذا اليوم عن حق "يوم الرب" أو يوم الأحد. ففي هذا اليوم، يجب على المؤمنين أن يجتمعوا لسماع كلمة الله، والاشتراك في سرّ القربان المقدس، فيُحيوا بذلك ذكرى آلام الرَّبِّ يسوع وقيامتِهِ ومجدِهِ، ويشكروا الله الذي "ولدنا ثانيةً لرجاء حيٍّ بقيامة يسوع المسيح مِنْ بين الأموات" (1بطرس 1 : 3). ومن ثم كان "يوم الرَّبّ" في المرتبة الأولى من أيام الأعياد، واليوم الذي يجب أن يدعى المؤمنون إلى إحيائه وإرساخه في تقواهم، بحيث يصبح أيضاً يوم بهجة وانقطاع عن العمل. أما الاحتفالات الأخرى فلا يجوز أن تتقدم عليه إلا إذا كانت فائقة الأهمية، وذلك لأن يوم الأحد هو أساس السنة الطقسية كلها ونواتها (دستور الليترجية المقدسة 106).

تحتفل الكنيسة بالسرّ الفصحي في اليوم الأول من كل أسبوع، ويدعى يوم الرَّبّ أو يوم الأحد. وهذا تقليد رسولي يلتقي إلى يوم قيامة الرَّبّ عينه من بين الأموات. لذا يوم الرَّبّ يوم عيد في الطليعة.

تدعو المكانة التي ليوم الرَّبّ إلى ألا يتقدَّم عليه سوى الاحتفالات وأعياد الرَّبّ. أما آحاد المَجيء والزمن الأربعيني والفصح، فلها الأولويَّة على جميع أعيَاد الرَّب وجميع الاحتفالات. وإذا وقعت احتفالات في هذه الآحاد، نُقلت إلى السبت.

أجرى المسيح عمل الفداء البشري، ومجَّد الله تمجيداً تاماً، وذلك على الخصوص بسرِّه الفصحيّ، الذي فيه "نقض بموته موتنا وبقيامته أعاد الحياة إلينا". لذا فإنَّ ثلاثية آلام الرَّبّ وقيامته الفصحية المقدسة تشعُّ بمجد قمَّة السنة الليتورجيَّة كلها. وعليه، فإنَّ المكانة التي ليوم الأحد من كلّ أسبوع، هي للاحتفال بالفصح في السنة الليتورجية (القواعد العامَّة للسنة الليتورجيَّة : 4،5،18،).

1 - يَوم الرَّبّ في العَهد القديم:
يَوم الرَّبّ هو يَوم افتقادِهِ، حيثُ يَتدخَّل ليُعَاقب الأشرار، ولينجّي ويعظم البقيَّة الأمينة التي تعبدُهُ، ويَبسُط في الوقت ذاتِهِ حكمُهُ. الدينونة والخلاص همَا معاً مظهَران سَائِدان بارزان بشكل جليّ. "يَوم الرَّبّ" هو مَوضوع ذات مَدلول كبير في الإسكَاتولوجيَا البيبليَّة، خاصة في أسفار العَهد القديم النبَويَّة. إنَّهُ يَوم حلول عقابِ الله على إسرائيل وعلى يَهوذا، كَمَا على الأمَم، ولكنَّهُ أيضاً يَوم الخلاص.

2 - عبارة يَوم الرَّبّ:
على الرغم من أننا لا نجد التعبير بحدِّ ذاتِهِ سوى ستّ عشرة مرَّة فقط في العهد القديم، فإنَّنا نجد عبَاراتٍ زمنيَّة واضحة المَدلول أيضاً. مثلاً: "في ذاك اليَوم" (صف 1: 9 – 10؛ عَا 8: 9)؛ "يَوم ذبيحَة الرَّبّ" (صف 1: 8)؛ "يَوم غضب الرَّبّ" (حز 7: 19؛ رج إش 2: 12)، إلخ. يَعتبر بعض علمَاء الكتاب المقدَّس مَوضوع "يَوم الرَّبّ" المَوضوع المَركزي لِمُجمَل رسَالة الأنبياء؛ فسفرا يوئيل وصفنيَا، مثلاً، همَا مكرَّسَان كليّاً للإعلان عن "يَوم الرّبّ" وعن الأحداث التي تواكِبُهُ.

3 - يَوم الرَّبّ في الأدَب اليَهودي:
في المؤلفات اليَهوديَّة المتأخرة، التعبير "يَوم الرَّبّ" غير شائِع كثيراً، لكننا غالباً مَا نجد إشارات إلى "يوم" (أو "زمَن") مصيريّ، لهُ المَدلولات ذاتها. في (دا 12)، سيَقوم رئيس المَلائِكة ميخائيل "عند ذاكَ الوقت"، ثمَّ تليه القيَامَة.
يخبر "درْج الحرب القمراني" عن كيف أنَّهُ "في يَوم كتِّيم، ستكون معركة ومَذبَحَة رهيبَة أمَامَ إله إسرائيل".
ثمة تعَابير ظرفيَّة مشَابهَة في الأدَب القانوني الثاني، مثلاً: "يَوم القدير"، في (2با 55: 6).

4 - يَوم الرَّبّ في العَهد الجديد
4 - 1 "يوم الرَّبّ" في سفر الرؤيَا
يشير سفر الرؤيَا إلى مَعركة يدخلُ فيهَا ملوك الأرض كلها، "في اليَوم العظيم للرَّبّ الكليّ القدرة".

4 - 2 "يوم الرَّبّ" يوم مَجيء المَسيح الثاني
يُعَادِل "يَوم الرَّبّ"، في العهد الجديد، زمَن مَجيء يَسوع المَسيح الثاني (2بط 3: 10 – 13؛ تس 5: 2؛ رج 4: 13 – 18)، ويُدعى أيضاً "يَوم ربِّنا يَسوع المَسيح" (1كو 1: 8؛ رج 5: 5؛ 2كور 1: 4). و"يَوم يَسوع المَسيح" (فل 1: 6)، وتعَابير أخرى مشابهَة.

4 - 3 يَوم الرَّبّ في رسَالة بطرس الثانية
المقطع التقليدي المتعلِّق ب "يَوم الرَّبّ"، هو 2بط 3: 1 – 13. يحذِّر رأس الرسل مِن أن "قوماً مستهزئين كلَّ الإستهزاء، تقودهم أهواؤهم، فيَقولون: أينَ الوَعد بمَجيئِهِ؟ لكن يوماً واحِداً عند الرّبّ هو كألف سنة، وألف سَنة كيَوم واحِد". والتأخر الظاهِر في المَجيء هو فقط لإفسَاح المَجَال "للتوبَة" (آ9)، لكن "يَوم الرَّبّ سَيَأتي كاللصّ، وعندَمَا تزول السماوات في ذاكَ اليَوم بدويّ قاصِف، وتنحَلّ العَناصِر مضطرمَة، وتحَاكم الأرض ومَا فيهَا مِن أعمَال" (آ 10). "يَوم الرَّبّ" هنا هو نهَايَة العَالم، ولكن سَتتبَعُهُ "سَمَاوات جديدة وأرض جديدة، يقيم فيهَا البرّ" (آ 13).

4 - 4 يَوم الرَّبّ وبولس
يعلِّم بولس التسَالونيكيِّين بألاَّ يقلقوا بشأن الأوقات والأزمِنة، فيَقول: "لأنَّكم أنتم أنفسُكم تعرفونَ جيِّداً أنَّ يَومَ الرَّبِّ سيأتي كاللِّص ليلاً" (1تس 5: 2). وفي (2تس 2: 2)، يَسأل المؤمنين مَا يَلي: "لا تكونوا سريعي التزعزع في رشدكم، وسريعي الفزَع في نبوءَةٍ أو قولٍ أو رسَالة يُزعَمُ أنَّهُ منَّا، تقول إنَّ يَوم الرَّبّ قد حَان" (أنظر التحذير مِن علامَات يَوم ابن الإنسَان الكَاذِبَة، في لو 17: 24). بالإضافة إلى ذلِكَ، فإنَّ بولس يتكلَّم مرَّات عِدَّة على مَوضوع يوم الرَّبّ هذا، أو يَوم ربِّنا يَسوع المَسيح (1كور 1: 8؛ 5: 5؛ 2كور 1: 14)، أو يَوم المَسيح (فل 1: 6 و 10؛ 2: 16)، كيَوم الدينونة الأخير.

5- تاريخ يَوم الرَّبّ
5 - 1 الحَدَث الفصحيّ
بدأ الأحد الفصحي بقيامة المسيح وأدرك صورته النهائية قبل مجمع نيقيا (325). ففي فجر "اليوم الأول من الأسبوع" أي يوم الأحد (متى 28: 1...) قام الرَّبّ، وتراءى لذويه، وتراءى للنساء القدِّيسات ولبطرس، ثمّ تراءى "في ذلك اليوم" (لوقا 24:13) لتلميذي عمّاوس، اللّذين "عرفاه عند كسر الخبز" (لوقا 24:35). وبعد ذلك قام بين الرّسل المجتمعين، وأكل بمرأى عنهم (24:41-43)، وقال لهم: "السلام عليكم، كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضاً" قال هذا ونفخ فيهم وقال لهم: "خذوا الروح القدس. من غفرتم خطاياهم تغفر لهم، ومن أمسكتم عليهم الغفران، يمسك عليهم" (يوحنا 20: 21-23).

فقيامَة المسيح ربِّنا من بين الموتى، وترائيه في جَمَاعة ذويهِ، وتناوله الطعام المشيحاني مع تلاميذه، وموهبة الروح القدس، وإرسال الكنيسة: هذا هو الأحد المسيحي في ملئِهِ. وإنَّ ذلك لهو الحَدَث المِحوري في تاريخ الخلاص، الحدث الذي وَسَمَ اليوم الأوّل من الأسبوع وَسماً أبدياً. والسرّ الذي يُحتفل به يوم الأحد، يكمن في يوم الفصح، وما الأحد سوى الاحتفال الأسبوعي بالسرّ الفصحي.

5 - 2 اليوم الأوّل من الأسبوع
بدأ الاحتفال المسيحي باليوم الأول من الأسبوع في الأسبوع الذي تبع قيامَة الرَّبّ: "وبعد ثمانية أيام، كان التلاميذ في البيت مرَّة أخرى...فجاء يسوع ... وقام بينهم وقال لهم: "السلام عليكم"، ثمّ قال لتوما: "هات إصبعك إلى هنا، فانظر يديّ. وهات يدك فضعها في جنبي. ولا تكن غير مؤمن بل يؤمنا" (يوحنا 20: 26-27).

يشير هنا يسوع القائم إلى جروحه المجيدة، وبذلك يجعل الصليب وسط اجتماع المسيحيِّين الطقسي. وإذ يحرّك إيمان توما، فإنه يفرض أن يكون المجتمعون من "المؤمنين".

وما عتّم الجيل الرسولي أن أدرك أهميّة اليوم الأول، في ارتباطه بذكرى المصلوب القائم وحضوره. فالقدِّيس بولس، في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس (أي نحو فصح سنة 58)، يوصي الجَمَاعة بأن يضع كل منهم في أول يوم من الأسبوع إلى جانبٍ، ما تيسّر له ادِّخاره " (16:2)، إسعافاً للإخوة الذين في أورشليم. وقد ذكر سفر أعمال الرسل (20: 6-12) اجتماع مسيحيّي طراوس ليلاً حول القدِّيس بولس "يوم الأحد لكسر الخبز".

5 - 3 يوم الرَّبّ
في رؤيا يوحنا، ظهر اسم جديد لليوم الأول من الأسبوع: يوم الرَّبّ: "اختطفني الروح يوم الرَّبّ، فسمِعتُ خلفي صوتا جهيرا" (1:10). وقد أخذ هذا الاسم ينتشر في الكنائس الناطقة باليونانيّة ففي كنائس الغرب (غير الجرمانية اللغة).

5 - 4 الأحد (يَوم الرَّبّ) في القرون الثلاثة الاولى
كان الأحد أمراً أساسياً في حياة الكنيسة، ولدينا الشواهد الكثيرة على ذلك. أجل، فقد راحت مراعاة مسيحييّ القدس ليوم السبت تمتدّ إلى الاجتماع الإفخارستي يوم الاحد. إلاّ أنَّ فصل يوم الأحد عن السبت كان قد تمّ نهائياً نحو أواخر القرن الاول، حتى أنّ القدِّيس اغناطيوس الإنطاكي (107م) جعل من حفظ يوم الأحَد أو يَوم الرَّبّ ميزة المسيحي في الطليعة: ولم يكن ذلك منافسة للسبت، بل احتفالاً بحدث تاريخي. وفي القرن الثاني، نجد أوصافاً لاجتماع المسيحيِّين يوم الأحد، في الديداكيه، وفي رسالة بلينس الشاب، حاكم بييتينيا، إلى حاكم إمبراطور ترايانس، عام 112، وفي "دفاع" القدِّيس يوستينوس النابلسي (165م). وفي وسط القرن الثالث، يوصي "تعاليم الرسل" المؤمنين بترك كل شيء يوم الرَّب، والمبادرة إلى الكنائس. ولدينا شهادة شهداء تونس عام 304، وهم جديرون بأن يدعوا "شهداء يوم الأحد". فهذا ما قالوه للحاكم: "علينا أن نحتفل بيوم الرَّب. هذه شريعتنا. - في بيتي احتفلنا بيوم الرب، فلا يمكننا أن نعيش من غير أن نقيم يوم الرب. - لقد كنت في الجماعة، لأني مسيحيّة".

5 - 5 يَوم الأحد بعد السَّلام القسطنطيني
يطلعنا أولئك الشهداء على أن يوم الأحد كان، في أواخر عهد الاضطهادات، يملأ قلب الشعب المسيحي فرحا وسط أعظم الشدائد. وبعد انتصار إمبراطور قسطنطين، أمر هذا بالعطالة في اليوم المدعوّ "يوم الشمس" وهو أيضاً "يوم المسيح الرَّبّ (كيريوس)"، وذلك عشيّة مجمع نيقية. وهكذا، فمنذ تلك الأيَّام، يظهر لنا يوم الأحد في صورته الدائمة يوم الإجتماع الليتورجي، حيث تعلن كلمة الله، ويحتفل بالإفخارستيا، ويوم الفرح، حيث تترك الواجبات اليوميّة. وهذا ما ستعود إليه المَجَامع المقدّسة في شأن اليَوم المَسيحي في الطليعة: "يوم النور والفرح وقيامة الموتى"، على حد قول أبي البَرَكات الإسكندري، "واليوم الذي ليس يوم الناس بأجمعهم، بل يوم من ماتوا عن الخطيئة ويحيون لله لا غير"، على حدّ قول القديس اثناسيوس.

6 - ألقاب يوم الأحد
6 - 1 يوم الرَّبّ

يوم الأحد هو يوم المسيح الرَّبّ (كيريوس)، لانّه يوم قيامته. وهو اليوم الذي فيه قام بين التلاميذ، والذي فيه عاد وظهر للذين كانوا ينتظرونه. لذلك فإنّ يوم الأحد هو ذكرى قيامة الرَّبّ التي نحتفل بها في الإيمان. وهو انتظار عودة الرَّبّ ومجيئِهِ الثاني المجيد، الأمر الذي نحياه في الرَّجاء، وبه تذكرنا الإفخارستيا التي فيها نُخبر بموت الرب "إلى أن يأتي" (1 قورنتس 11: 26)، والتي تُمثل حضور الرَّبّ القائم بين ذويه، وهم يصغون إلى كلمته، ويجتمعون على المحبَّة. فكأن الرَّبَّ القائم من القبر هو الذي قدّس هذا اليوم، وأشار إلى تقديسه. "لذا هذا اليوم هو يوم هويَّة المسيحي".
وبهذا اليوم، الذي فيه تحتفل الكنيسة بالسرّ الفصحيّ، تستعدّ الكنيسة، من أحد إلى آخر، للاحتفال بالفصح السنويّ، الذي تدور حوله السنة الليتورجية كلها.

6 - 2 يوم القيامة
هو الاسم الذي اعتمَدتهُ الليتورجية اللاتينيَّة والبيزنطيَّة على يوم الأحد. ومن شأنه أن يُبرز صلة يوم الأحد بفصح الرَّبّ. وبذلك يجعل للأحد طابعاً فصحياً.

6 - 3 اليوم الأول والثامن
إن أول يوم من الأسبوع هو يوم الخلق، ويوم القيامة. وهو اليوم الذي يَعود بعد اليوم السابع. إنه اليوم الثامن، ويذكرنا بأنه "يوم الفصح، الذي يعدُّ مقدمة لمجيء المسيح الثاني، قد بلغت خليقة اليوم الأول ملء كمالها" وبأننا نحتفل بالفصح إلى أن يأتي "الرب"، في يوم السبت العظيم، يوم الراحة الأبدي.
وهكذا، فيوم الأحد هو يوم حضور الرب القائم في كنيسته، ويوم ذكرى قيامته، وانتظار عودته. إنه "يوم الخليقة الجديدة، وتفجّر الحياة من علُ" (القديس غريغوريوس النزيانزي)، وبذلك يُختصر تاريخ الخلاص كله.

7 - يَوم الرَّبّ، يوم الكنيسة المُجتمعَة
7 - 1 "وإنكم إذا إجتمعتم جماعة واحدة" ( 1قورنتس 11: 20 )
إنَّ يوم الأحد يجمع المسيحيِّين، على غرار مسيحيِّي الجَمَاعَة المَسيحيَّة الأولى في القدس "قلباً واحداً ونفساً واحدة" (أعمال 4: 32 )، "على تعليم الرسل والمشاركة وكسر الخبز والصلوات" (2: 42 ). فيوم الأحد الذي يبدأ مَساء السبت، هو يوم اجتماع شعب الله محلياً لسماع كلمة الله، وإقامة الإفخارستيا، وتقاسم فرحة المسيح القائم من بين الموتى الأخوية. فإنما الجماعة قلب الأحد.
فكأن الجماعة المتلاقية في الإيمان والمحبة، حول الرَّبّ القائم وسطها، تنعم، كلَّ يوم أحد، بما نعم به تلاميذ يسوع الأوَّلون، في أول آحاد التاريخ: كأنهم يفرحون، هم أيضاً، لمشاهدتهم الرَّبّ، ويسمعون تحيته الفصحيَّة: "السلام عليكم"، وتضرم قلوبهم فيه وهو يفسِّر لهم الكتب ويعرفونه عند كسر الخبز، ويعلنون إيمانهم، مع توما، وهكذا، "فإن الجماعة الملتئمة حول مائدة واحدة هي سرّ حضور المسيح في العالم ".

7 - 2 يوم الرَّبّ يَوم الإفخارستيا
إنَّ ميزة يوم الرَّبّ الأولى هي إقامة الإفخارستيا. ومن واجب المؤمنين الاشتراك فيها. فالكنيسة، منذ يومِهَا الأول، قدَّست يوم الأحد "بكسر الخبز": اجتمعنا يوم الأحد لكسر الخبز ( أعمال 20: 7)، والوعظ بكلمة الله (أعمال 20 : 11). فعلى طريق عمّاوس، أخذ يسوع يفسِّر الكتب للتلميذين، وفي بيت التلميذين، كسر الخبز (لوقا 24).

إنَّ يوم الأحد إذاً هو يوم الكلمة والسرّ. هو يوم الخدمة، والعطاء، والمحبَّة التي تنحني في الطليعة على التاعسين والمساكين والمرضى: "سيروا أنتم أيضاً على ما رتبته في كنائس غلاطية، وهو أن يضع كل منكم في أول يوم من الإسبوع إلى جانب ما تيسر له إدخاره..." ( 1قورنتس 16: 1-2 ).

إنَّ هذه الخطوط الرئيسيَّة لليتورجيا يوم الرَّبّ، كانت قد احتلت مكانته منذ القرن الثاني، بدليل ما جاء في دفاع القديس يوستيوس النابلسي. وقد أبرزها دستور الليتورجيا المقدَّسة في أوفى صورة، على ما ذكر في مطلع هذا العَمَل.

7 - 3 يوم الرَّبّ يَوم الأسرار والرسالة
توصي الكنيسة بمنح عِمَاد الأطفال يوم الأحد. إذ أنَّ العماد هو موت وقيامة في المسيح. إلاَّ أنَّ هذا اليوم لا يحصر المسيحييِّن بين جدران الكنيسة: "إصنعوا هذا لذكري" (لوقا 22: 19) "إذهبا فقولا لإخوتي" ( متى 28: 10 ). "إذهبوا" (متى 28 : 19). إذهبوا بسلام المسيح. وعليه، "فإن عطية الله تصبح رسالة ومسؤلية".

7 - 4 خذوا الروح القدس: يوم الأحد، يوم العنصرة الأسبوعيَّة
في يوم العنصرة، تنشد الكنيسة اللاتينيَّة في صلاتها إلى الله: "يا من أنجزت يوم الفصح العظيم، إذ أفضت اليوم على الذين تبنيتهم في المسيح روحك القدّوس المحيي". فإنما السرّ الفصحي يشمل أيضاً صعود الرَّبّ وحلول الروح، موعود الآب، ومرسل الابن، على الكنيسة يوم الخمسين: يوم "كانوا مجتمعين كلهم في مكان واحد" (أعمال 2: 1 ). لذلك ما عتمت الكنيسة الرسولية أن أضافت إلى ذكرى القيامة، في يوم الأحد، ذكرى العنصرة، فصار يوم الأحد عنصرة أسبوعية. وما أجمل أن نذكر وهذه الحالة خاتمة رؤيا يوحنا، خاتمة العهد الجديد: "يقول الروح والعروس ( الكنيسة ): تعالى، تعالى، أيها الرب يسوع" (22: 17 : 20).

7 - 5 يوم الرَّبّ يوم البَهجَة والعيد
في هذا السفر أيضاً، نقرأ ما يلي: "قال لي الملاك: أكتب: طوبى للمدعوِّين إلى وليمة عرس الحمل. (19: 9) وكلُّ ما ذكر يجعل ليوم الرَّبّ طابع يوم عيد، منه يطفح ذلك الفرح الذي يملأ سفر أعمال الرسل، "إنجيل الروح القدس".

فالعيد هو ذكرى، واجتماع لإحياء الذكرى. فهذا هو الأحد المسيحي: ذكرى القيامة. ومن هنا كان فرض الانقطاع عن العمل والراحة.

إنها راحة عيد لها أبعاد رمزيَّة نبويَّة. فالراحة المسيحيَّة تشير إلى تفوُّق الإنسان على البيئة التي يعيش فيها، على العالم الذي دُعِيَ إلى أن يعمل فيه، وإلى العالم الجديد الذي ينتظره.

ومن جانب آخر، من شأن هذا اليوم البشرى الإلهي، أن يضيء جميع الأيام الأخرى، فيرى فيها الاهتمامات اليوميَّة في إطارها الحقيقي، والأشخاص بوجه آخر، وكل شيء فيه ضوء جديد، ضوء القائم من القبر.

"إنَّ يَوم الأحد (يوم الرَّبّ) يوم عيد أسبوعي" (ترتليانوس). وإنه يوم فرح: "كونوا دوماً فرحين يوم الأحد" (تعليم الرسل الإثني عشر). وقد شبَّه القدِّيس أفرام الفرح الذي ينبع من هذا اليوم، بذلك الذي استولى على الرسل عندما تراءَى لهم الرَّبّ القائم. إنَّه فرح يتزوَّد بالتأمل، ويطفح محبَّة أخويَّة ويفيض على الحياة البيتية وعلى حياة الضيعة والمدينة.

8 - الترتيب الليتورجي لِيَوم الرَّبّ
تحتفِل الكنيسَة في اليَوم الأوَّل مِن كلّ أسبوع، ويُدعى يَوم الرَّبّ أو يَوم الأحَد كَمَا سَبَقَ وقلنا في المقدِّمَة. وهذا تقليدٌ رَسوليّ يرتقي إلى يَوم قيَامَة ربِّنا ومخلِّصِنا وفادينا من بين الأموات، الذي بمَوتِهِ وَطىءَ المَوتْ وَوَهَبَ الحَيَاة للذينَ في القبور. لِذا يَوم الأحَد هو يَوم عيد في الطليعَة أي يَوم بطالة في العَالم كلِّهِ.

إنَّ المَكانة التي ليَوم الرَّبّ تدعو إلى ألاَّ يَتقدَّم عليه سِوى الاحتِفالات والأعيَاد الخاصَّة بالسيِّد. أمَّا الأزمِنة الكبرى أي آحَاد زمَن المَجيْ المقدَّسْ، وزمَن الأربعيني المقدَّس، وزمَن الفصح... فلهَا الأولويَّة الأولى على جميع الاحتِفالات. وإذا وقعَت احتِفالات نقِلت إلى يَوم السبت أو أي يَوم مناسِب آخر وهذا بحَسَب مَا تحدِّده لنا الهيئات الأسقفيَّة الخَاصة بالتنظيم الليتورجي .
لا يُسمَح بتعيين دائِم لاحتِفال مَا يَوم الأحَد، ومَع هذا:

في الأحَد الواقِع في ثمَانيَّة ميلاد الرَّبّ: عيد الأسرَة المقدَّسَة، في الأحَد الواقِع بعد 6 كانون الثاني: عيد عِمَاد الرَّبّ ، في الأحَد الذي يَلي العَنصَرَة: احتِفال الثالوث الأقدَس وفي الأحَد الأخير من زمَن السنة أي الزمَن العَادي: احتِفال ربِّنا يَسوع المَسيح، مَلِكِ الكَون.

أمَّا الأعيَاد والاحتِفالات الثابتة التي عَادت الكنيسَة ووضعَتهَا في مَكانِهَا المناسِب بَدَل أيَّام الآحَاد فهي:

يوم 6 كانون الثاني: عيد الظهور الإلهي، أي الغطاس. أي في يَومِهِ الخاصّ بهِ بَدَل يَوم الأحَد وذلِكَ لإعطاء الأهميَّة أيضاً لمَكَانة عِمَاد الرَّبّ يَومَ أحَد.

الصعود الإلهي (الخميس) بَعد أربَعين يَوماً مِن قيَامَة الرَّبّ، وذلِكَ للمحافظة على الأحَد السَّابع مِن زمَن الفِصِح وَعَدم إلغائِهِ، ولِمَ يَعود أيضاً إلى الكِتاب المقدَّس في عهدِهِ الجَديد حولَ روايَة الصعود.

أمَّا الأيَّام التي تلي يَوم الرَّبّ، ويُحتفل بهَا بطريقة مختلِفة وفقاً لأهميَّتِهَا:

أربَعَاءْ الرَّمَاد، وأيَّام الأسبوع المقدَّسْ مِن يَوم الإثنين حتى يَوم الخميس: تتقدَّم على جَميع الاحتِفالات الأخرى.

أيَّام زمَن المَجيءْ الكبرى، منذ 17 كانون الأوَّل حتى 24 منهُ أي في قدَّاس الصبَاح، وجَميع أيَّام الزمَن الأربَعيني، تتقدَّم على التذكارات الإلزاميَّة.

خاتمة
جاء في موعظة من القرن الخامس، قد تكون إسكندرية الأصل: "إنَّ يَوم السيِّد هو سيِّد الأيَّام". إنَّهُ: "إنه اليوم الذي صنعه الرَّب، فلنبتهج ونفرح فيه " (المزمور 117: 25). إنهُ اليوم الذي جرى فيه أعظم مَا أتاه الرَّبّ وقدَّسهُ "البابا القدِّيس لاون الكبير": الخلق، قيَامَة الرَّبّ، حلول الروح. إنه "اليوم الجديد، أوَّل يَوم من الخليقة الجديدة الذي ينطلق من قيامة المسيح، والذي فيه يصبح اليوم الكوّني يوم النعمة". لذا واجب الكنيسة نحو هذا اليوم هو واجب أمانة نحو سيِّدها. ولا يجوز لهذا اليوم أن يكون "آخر الأسبوع" أو "يوم الإنسان" لا غير.

وقد جاء في "تعليم الرُّسل الإثني عشر": "من يغيب، ينقص الكنيسة، ويحرمُهَا عضواً جسد المسيح".

ومن أقوال البَابَا لاون الثالث عشر – وهي كتابة وجدها يوماً على باب الكنيسة مرسلين في تركيا الحالية: "إنَّ انتهاك يوم الرَّبّ مبدأ جميع المصائب، وأساس تزعزع الإيمان، ونسيان الأبدية، وإبعاد الله عن البشرية".

المَراجع:
* MISSEL ROMAIN, DESCLEE-MAME, Belgique 1978.
* P-M.GY, Semaine Sainte et Triduum Pascale, Maison Dieu, 41 (1995).
* المجمع الفاتيكاني الثاني، الوثائق المجمعية، طبعة ثانية، 1984.
* التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، النص الأصلي اللاتيني: دار الفاتيكان للنشر، حاضرة الفاتيكان، 1997، الترجمة العربية: المكتية البولسية – جونيه، لبنان، 1999، التوزيع: المكتبة البولسية – جونيه – لبنان، منشورات الرسل – جونيه – لبنان.
* الكتاب المقدّس: أنا الألف والياء، دار المشرق- بيروت، 1989.
* فهرس الكتاب المقدَّس، جمعيَّة الكتاب المقدَّس، الطبعة الأولى، 2004.
* "المسيحية في أخلاقيتها" (التعليم المسيحي للبالغين) سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليوم، رقم 19 – منشورات المكتبة البولسية – لبنان – 1999.
* "يوم الرَّبّ" رسالة رسولية لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني – الفاتيكان 1998، طُبعت باللغة العربية – جلّ الديب – المركز الكاثوليكي للإعلام – لبنان.
* "بيبليَا"، مجلَّة بيبليَّة لاهوتيَّة فصليَّة"، العدد 9، منشورات كليَّة اللاهوت الحَبريَّة – الكسليك، ص.ب: 446 جونيه – لبنان، 2001.

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit