أسرار ظهورات الطوباويَّة مريم العذراء والدة الإله في فاطيما – البرتُغال
ظهرت العذراء القديسة مريم ستّ مرات لثلاثة أطفال رعاة بالقرب من مدينة فاطيما (Fatima) في البرتغال للفترة من 13 أيار \ مايو 1917 إلى تشرين الأوَّل \ أكتوبر.
13 أيار - 13 حزيران - 13 تموز - 13 آب - 13 أيلول - 13 تشرين الأوَّل سنة 1917، وكانت تظهر مرَّة كلّ شهر في نفس التاريخ. وكان قد سبق ظهور العذراء ظهور رئيس الملائكة ميخائيل للأطفال أنفسهم في العامين السابقين 1915 و 1916، وذلك تمهيداً لظهور العذراء في العام 1917.
كان لظهور العذراء مقدمات سمائية حدثت في العامين السابقين وقد بدأت سنة 1915 عندما كان الأطفال الرعاة الثلاثة لوسيا دو سانتوس والتي كانت تبلغ من العمر 11 سنة وقت ظهور العذارء لهم مواليد 22 آذار \ مارس 1907، وتوفيت يوم الأحد 14 شباط \ فبراير 2005 في كرمل القدِّيسة تريزا ليسوع للراهبات الكرمليَّات الحافيات (الحبيسات) في مدينة كويمبرا - البرتغال، عن عمر يناهز سبعة وتسعين عامًا، نُقل جثمان الأخت لوسيا إلى كاتدرائيّة كويمبرا الجديدة حيث أقيمت صلاة الجنازة من أجل راحة نفسها بحضور رئيس الوزراء البرتغالي بيدرو لوبيز، ونقل الجثمان من بعدها ليدفن في دير الكرمليَّات المتوحِّدات الذي أمضت فيه معظم أيام حياتها، وبعد سنة من اليوم تنقل الأخت لوسيا، حسب رغبتها، إلى مزار فاطيما حيث ترتاح مع رفيقيها في الظهورات فرانسيسكو وجاسينتا.
إنَّ الأخت لوسيا التي شاهدت ظهورات العذراء مريم في فاطيما بدءًا من الثالث عشر من أيار \ مايو من عام 1917. برفقة أولاد عمتها، فرانسيسكو مارتو الذي كان يبلغ من العمر، حينها، تسع سنوات مواليد 11 تموز \ يونيو 1908، وشقيقته الصغرى جاسنتا مارتو، والتي كانت تبلغ من العمر سبع سنوات مواليد 11 آذار \ مارس 1910.
عندما كانوا يرعون الأغنام في الحقول خارج فاطيما، رأت لوسيا سحابة شفافة تبدو في شكل جسد بشريّ تتحرك عبر السماء الصافية ثم أخذت ترفّ على شجرة صنوبر. وبعد ذلك بعام وفي صيف 1916، كان الأطفال الثلاثة يرعون أغنامهم في مرج يدعى كوزا فيلاCouza) Velha)، فهطلت الأمطار بشدّة فاضطروا للجوء إلى كهف قريب وأخذوا يصلون التسبحة، وفجأة توقفت الأمطار، وفي لحظة خروجهم من الكهف واجهتهم ريح شديدة، ثم نظروا ثانية إلى السحابة الشفافة نفسها التي سبق أن رأتها لوسيا في العام الماضي، ولكن هذه المرة اتَّجهت السحابة نحوهم وتحوَّلت إلى "شاب صغير" ظهر لهم في حوالي سنّ الرابعة عشر من العمر، وقال لهم: "لا تخافوا أنا ملاك السلام، صلوا معي"، "، وسجد على الأرض حتى لمست جبهته الأرض وصلَّى قائلاً: "أنا أؤمن بكَ، وأعبدكَ، وأحبكَ يا إلهي! وأطلب عفوكَ لأجل الذين لا يؤمنون بكَ، ولا يعبدونكَ، ولا يحبونكَ". ". وكرَّر هذه الصلاة ثلاث مرات، ثم نهض وقال لهم "صلوا هكذا. إنَّ قلبَي يسوع والعذراء منتبهين لصوت تضرّعاتكم". ثم اختفى عنهم. فقرَّر الأطفال أن لا يُبلغوا أحدًا بما رأوا وسمعوا. وبعد عدَّة أسابيع، وفي تشرين الأوَّل \ أكتوبر من العام نفسه، ظهر لهم رئيس الملائكة ميخائيل ثانيةً، وطلب منهم أن يصلوا كثيرًا، ويقدّموا قرابين لله العليّ، ويتحمَّلوا الآلام الآتية عليهم بسماح من الرَّبّ، وكان يحمل معه سرّ التناول، ثم سجد على الأرض وأعلن لهم عن حضور المسيح بلاهوته في سرّ التناول في كل مكان في العالم، وطلب منهم الصلاة من أجل توبة الخطاة. وفي نفس الوقت كانت الحرب العالمية الأولى مشتعلة في أوروبا.
• الظهور الأول للعذراء 13 أيار \ مايو 1917
كان الأطفال الثلاثة يرعون الغنم في مروج كوفا دا آرِيَا(Cova da Iria) وعندما دُقَّ جرس الكنيسة المجاورة ذهب الأطفال الثلاثة للصلاة، وبعد انتهاء الصلاة خطف أبصارهم برقٌ قويّ، فقرَّر الأطفال الثلاثة العودة إلى المنزل خوفًا من حدوث عاصفة شديدة، وفي الطريق حدث برق آخر أقوى من الأول، فوقفوا خائفين ومرتعدين، وظهر نورٌ قويّ خاطف للأبصار وفي وسط النور، فوق شجرة سنديان صغيرة، وقفت العذراء القدِّيسة مريم والدة الإله في صورة فتاة فائقة الجمال والبهاء كما وصفتها لوسيا فيما بعد، لا يزيد عمرها على ثماني عشرة سنة، ترتدي رداء أبيض رائع، ويحيط برأسها هالة من نور الشمس، وعلى وجهها تبدو سحابة من الألم الدفين، ولمَّا رآها الأطفال ارتعدوا فقالت لهم: "لا تخافوا، فلن أمُسَّكُم بأيّ ضرر" فسألتها لوسيا من أين أنتِ؟ فقالت لها: "أنا من السماء"، وعندما سمعت لوسيا ذلك سألتها عمَّا تريده منهم، فقالت: "جئتُ لأطلبَ منكم أن تأتوا إلى هنا ستة أشهر متتالية، في اليوم الثالث عشر من كلّ شهر وفي نفس الساعة. وسأخبركم فيما بعد، مَن أنا، وماذا أريد، وبعد ذلك سأعود إلى هنا مرَّة أخرى". فسألتها لوسيا: "هل سأذهب أنا إلى السماء؟"، فأجابت العذراء: "نعم ستذهبين"، "، فسألتها لوسيا أيضًا: "هل سيذهب جاسينتا وفرانسيسكو أيضا؟" فأجابت: "نعم، ولكن يجب على فرانسيسكو أن يصلِّي المسبحة كثيراً". ثم قالت لهم العذراء: "هل تريدون أن تقدّموا أنفسكم لله، وأن تتحمَّلوا كلَّ الآلام التي يسمحُ بها لكم من أجل الخطايا ومن أجل توبة الخطاة؟"، ولمَّا أجابوا ب "نعم" قالت لهم: "إذًا ستتألَّمون كثيرًا، ولكن نعمة لله ستكون راحتكم". وطلبت منهم أن يصلّوا كلّ يوم المسبحة من أجل سلام العالم وانتهاء الحرب. ثم ابتعدت عنهم نحو المشرق واختفت في نور الشمس بعد أن استمرَّت الرؤيا حوالي عشرة دقائق. عاد الأطفال إلى منازلهم بفرح، وروت جاسينتا لأمّها كلَّ شيء، وانتشر الخبر، ولم يصدّق أحد ما شاهدهُ الأطفال.
• الظهور الثاني للعذراء 13 حزيران \ يونيو - الوعد بعمل معجزة عظيمة عام 1917.
في يوم 13 تموز \ يونيو، وحسب الموعد الذي سبق أن حدّدته العذراء للأطفال الثلاثة، ذهب الأطفال إلى المكان الذي وعدت العذراء بالظهور فيه، وذهب معهم 60 شخصًا من الأهالي. وبعد أن صلَّى الجميع المسبحة، نظرت لوسيا ناحية الشرق، فرأت البرق الذي يسبق ظهور العذراء، وعرفت أنَّ العذراء ستحضر حالًا وأسرعت إلى شجرة السنديان، وأسرع في أعقابها فرانسيسكو وجاسينتا وبقيَّة الأهالي .وظهرت العذراء للأطفال الثلاثة ودار بينهم الحوار التالي:
- قالت العذراء: "أنا أريدكم أن تحضروا هنا في الثالث عشر من الشهر القادم، صلّوا المسبحة كلَّ يوم، وتعلَّموا القراءة، وسأخبركم بما أريد فيما بعد".
- سألتها لوسيا من أجل شفاء أحد المرضى.
- قالت العذراء: "إذا رجعَ عن خطاياه، فسيُشفى خلال هذا العام".
- سألتها لوسيا أن تأخذهم إلى السماء.
- قالت العذراء: "نعم، سآخذ جاسينتا وفرانسيسكو حالاً، ولكنكِ أنتِ ستبقين في العالم فترة أطول. لأنَّ يسوع يريد أن يستخدمك لأكون معروفة، ومحبوبة أكثر".
- سألتها لوسيا إن كانت ستبقى في العالم طويلاً.
- قالت لها العذراء ووعدتها بأنَّها لن تتركها وأنها ستكون ملاذها الدائم. كما وعدت العذراء أيضًا أنها ستصنع معجزة. وفي أكتوبر القادم تجعل كل من يحضر ذلك الظهور يصدّق ويؤمن أنها كانت هناك حقًا. وطلبت منهم أن يصلّوا قائلة:
"ضحوا بأنفسكم من أجل الخطاة وكرّروا في كل مرَّة تصلّون فيها: "يا يسوع أغفر لنا خطايانا، من أجل حبك، ومن أجل توبة الخطاة". وقد شاهد الحضور لوسيا وهى تتحدَّث مع العذراء وكانوا يسمعونها دون أن يسمعوا العذراء ولكنّهم لاحظوا انخفاض ضوء الشمس بدرجة ملحوظة أثناء ذلك الحديث وأن لونه كان يميل إلى الأصفر الذهبي. وبعد انتهاء الظهور الثاني انتشرت الأخبار ولكن كثيرًا من الأهالي لم يصدّقوا، بما فيهم أقارب الأطفال الذين كانوا يتهكّمون عليهم، ويسخرون منهم، ويضطهدونهم بشدَّة، حتى أنَّ كاهن البلدة كان متحفظًا للغاية ويميل شخصيًا لعدم التصديق.
الظهور الثالث للقدِّيسة مريم العذراء: منحهم ثلاثة أسرار، 13 تمّوز 1917
في الظهور الثالث للعذراء مريم قد منحت لهم ثلاثة أسرار:
السرّ الأوَّل: رؤيا الجحيم.
السرّ الثاني: إعلان تحوّل روسيا عن الإيمان وانتشار الإلحاد في العالم، ثمَّ عودتها للإيمان ثانية.
السرّ الثالث: إنحراف المؤمنين عن العقيدة وتعاليم الكتاب المقدَّس.
ونتيجة لانتشار الأخبار، بعد الظهور الثاني، حضر الظهور الثالث أكثر من 5000 خمسة آلاف شخص في نفس التاريخ الذي سبق أن حدَّدته العذراء، في 13/ 7 / 1917، وفي الوقت نفسه ظهرت العذراء للأطفال الثلاثة، وشاهد جميع الحاضرين سحابة بيضاء تظلّل الأطفال الثلاثة في مكان الرؤيا كما لاحظوا تضاؤلا شديدًا في ضوء الشمس أثناء الرؤيا، وهنا سجَدَ الجميع بخشوع، ورهبة، واحترام، بعد أن طلبت منهم لوسيا ذلك، وطلبت العذراء من الأطفال أن يحضروا إلى المكان نفسه في الثالث عشر من الشهر القادم وأن يستمروا في صلاة المسبحة كلّ يوم من أجل سلام العالم وانتهاء الحرب، ووعدت بأنها ستخبرهم عن حقيقة شخصيَّتها في تشرين الأوَّل \ أكتوبر القادم، وإنها ستصنع معجزة يراها الكلّ ويؤمن بها، وكرَّرت طلب الصلاة من أجل توبة الخطأة باستخدام الطلبة الآتية: : "يا يسوع، من أجل حبِّكَ، ومن أجل توبة الخطأة". وكشفت العذراء عن سرّ ينقسم إلى ثلاثة أجزاء:
1 - الجزء الأول عبارة عن رؤيا للجحيم،
2 – الجزء الثاني يختصّ بروسيا، والحرب العالمية الثانية،
3 – الجزء الثالث عن أحوال المؤمنين.
وقد كشفت لوسيا عن الجزأين؛ الأول رؤيا الجحيم، والثاني الخاص بروسيا سنة 1941. أمّا الجزء الثالث، أو السرّ الثالث، فقد حدَّدت له العذراء سنة 1960.
أولًا: رؤيا الجحيم
في هذا الظهور الثالث كشفت العذراء للأطفال الثلاثة في رؤيا مريعة للجحيم كيف يتألَّم ويتعذَّب الخطأة فيه. وتصف لوسيا تلك الرؤيا الرهيبة كالآتي: "فتحت سيِّدتنا يديها، وخرج منها شعاع من نور، وبدا الشعاع الذي من نور ينفذ إلى الأرض، ورأينا كبحر من نار، ورأينا الشياطين وأرواح في أشكال بشريَّة مثل الجمر الشفّاف المحترق تغوص في تلك النار، وهي سوداء أو برونزيّ لامع، تطفوا في حريق هائل ثم ترتفع في الهواء بواسطة اللَّهب الذي يصدر من داخل أنفسهم مع السحب العظيمة للدخان، ثم يسقطون ثانية في كلّ جانب مثل الشرار في النيران الضخمة بدون وزن أو توازن، بين الصراخ والأنين من الألم واليأس، الذي أفزعنا وجعلنا نرتعد من الخوف وقد يكون هذا المنظر هو الذي جعلني أصرخ، كما قال الناس أنّهم سمعوني. وكانت الشياطين مميَّزة (عن أرواح البشر المدانين) بأشكالها المرعبة والعاصية مثل الحيوانات المخيفة والغير المعروفة، سوداء وشفّافة مثل الفحم المحترق. وقد دامت الرؤيا للحظات، وشكراً لأمّنا السماويَّة التي وعدتنا في ظهورها الأول أن تأخذنا إلى السماء. فبدون ذلك الوعد لكنَّا قد مُتنا من الخوف والرعب". هذه الرؤيا الرهيبة جعلت الأطفال يبكون ويصرخون، حتى أنَّ الجموع الحاضرة سمعت لوسيا وهى تبكي. وهنا قالت لهم العذراء: "ها قد رأيتم الجحيم حيث يذهب الأشرار، فصلّوا من أجل إنقاذ آلاف الخطأة الذين يذهبون إلى هناك، ومن أجل أن يحلَّ السلام. إنَّ الحرب العالمية الأولى على وشك الإنتهاء، ولكن إذا لم يتوقَّف الناس عن إغضاب الله، ستحدث حرب عالمية ثانية أسوأ، وعندما ترون ليلاً يضيئه نورٌ مجهول، فاعلموا أنَّ هذه هي العلامة التي يعطيها الله لتعلموا أنه على وشك أن يعاقب العالم على جرائمه بالحرب، والمجاعات، واضطهادات الكنيسة، والآب القدّوس".
ثانيًا: إرتداد روسيا واشتعال الحرب العالمية الثانية، ثم عودتها ثانية إلى الإيمان.
وكان السرّ الثاني، في هذا الظهور هو في كشف العذراء وإعلانها عن حدوث حرب عالمية ثانية، قالت الأمّ السماويَّة: "الحرب العالمية الأولى على وشك الانتهاء: ولكن إذا لم يتوقف الناس عن إغضاب الله فستشتعل حرب أسوأ في أيام البابا بيوس الحادي عشر الحرب العالمية الثانية، وعندما ترون ليلاً يضيئه نور مجهول (حدث هذا النور في سماء أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية بثلاثة شهور)، فاعلموا أن هذه هي العلامة العظيمة التي يعطيها الله دلالة على أنه على وشك أن يعاقب العالم على جرائمه بالحرب، والمجاعة، وذلك بسبب اضطهاد الكنيسة". ثم نبوءَتها عن تحوّل روسيا إلى الشيوعية والإلحاد، ونشرها للتعاليم الخاطئة في كلّ العالم، قالت: : "ستنشر روسيا شرورها في كلّ العالم، وتتسبَّب في حروب كثيرة واضطهادات للكنيسة، وسيستشهد الأبرار، وسيتألَّم الآب القدّوس وستدخل أمم كثيرة في الإلحاد، أي تصبح كثير من الأمم ملحدة، ولكن في آخر الأمر يقوم الآب السماوي باستمالة قلب روسيا إليه، وتتحوَّل ثانية إلى الإيمان وسينعم العالم كلّه بفترة سلام. وسأسأل من أجل أن تتكرَّس روسيا لقلبي الطاهر، وستتحوَّل روسيا وسيكون هناك سلام".
ما أعلنته العذراء أمّ الله القدِّيسَة وتنبأت به عن روسيا، حدث بالتفصيل، وبعد ستة شهور فقط من هذا الإعلان، ارتدت روسيا عن الإيمان في السنة نفسها 1917 بعد سيطرة الشيوعية.
مع بداية التسعينات انهارت الشيوعية في أوروبا الشرقية. ففي 25 شباط 1990 تحرَّرت رومانيا من الشيوعية، وامتلأت الكنائس بالمؤمنين الذين يعبدون الله بكلّ حرارة وخشوع، وفي أول أيَّار \ مايو 1990، قام كاهنان برفع صليب يبلغ ارتفاعه ثمانية أقدام في الميدان الأحمر بموسكو، وغطت صورة الرَّبّ يسوع المسيح بريق اللوحة العملاقة التي تصوِّر وجوه كارل ماركس، وفريدريك أنجلز، وفلاديمير لينين، التي كانت تشكِّل خلفيَّة المنصَّة المقامة في الميدان الأحمر وهتف أحد الكاهِنين "المسيحُ قام". ". وبعد ذلك بشهور قليلة تفكَّك الإتّحاد السوفياتي، وازدهرت الكنيسة في روسيا، وفي كلَّ الدول التي كانت شيوعية، وتمت نبوءة العذراء القدِّيسة، كما تمَّ أيضًا قول الرَّبّ يسوع المسيح: "على هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبوابُ الجحيم لن تقوى عليها".
السرّ الثالث :في يوليو /أغسطس 1941
أعلنت الأخت لوسيا، للمرَّة الأولى، أنَّ السرّ الذي كشفته العذراء في ظهورها الثالث، ينقسم إلى ثلاثة أجزاء، وأعلنت الجزأين الأول والثاني، كما شرحنا أعلاه، وقالت أنه غير مسموح لها أن تكشف عن الجزء الثالث، وأنه يجب أن يبقى هكذا إلى سنة 1960 ولمَّا مرضت سنة 1943، خشِيَ الأسقف دا سيلفا أسقف ليريَا أن تموت دون أن تكشف عن بقيَّة سرّ فاطيما وطلب منها، بناءً على نصيحة صديقه كانون-جالامبا أن تكتب السرّ فــي وثيقة، وتضعه في ظرف يُغلق بالشمع الأحمر، وأن لا يُفتح إلَّا في حينه سنة 1960. وبعد محاولات عديدة من الأسقف في حثِّهَا على الكتابة، ومحاولات عديدة من لوسيا للكتابة، ظهرت لها العذراء مريم القدِّيسة في 2 يناير 1944، وطلبت منها الكتابة، فكتبت الجزء الثالث من السرّ ووضعته في ظرف، وسلَّمته للأسقف فيريرا والذي سلَّمهُ بدوره للأسقف دا سيلفا والذي حاول تسليمه للسلطات الدينية في روما فرفضت، وعند موته تسلَّمهُ الكاردينال سيرجيرا (Serejera) بطريرك لشبونة. وفي سنه 1957، وضع الظرف في روما بناءً على طلب المكتب المقدَّس، ثم وضع في مكتب البابا بيوس الثاني عشر، وقرأه بعد ذلك البابا يوحنا الثالث عشر، ولكن لم يكشف عمَّا جاء فيه، وفكَّر البابا يوحنا بولس الأول أن يكشف عن ما جاء فيه سنة 1977، ولكنهُ ماتَ دون أن يتمكَّن من ذلك .
وفي أثناء زيارته لفاطيما في 13 أيار \ مايو 1982، طلب البابا القدِّيس يوحنا بولس الثاني ترجمه الوثيقة من البرتغالية لكي يقرأها، وبعد القراءة فضَّلَ تأجيل إعلان محتواها.
قرأ الوثيقة الكاردينال جوزف راتزنجر أي البابا بنديكتوس السادس عشر، وأعلن ذلك لاحد الصحفيِّين الإيطاليِّين، وكتب عنه في مناسبتين، في تشرين الثاني \ نوفمبر 1984 / ويونيو 1985، وألمح إلى محتواه.
وبعد ذلك، وفي زمن قداسة البابا القدِّيس يوحنا بولس الثاني منحت الكنيسة الإذن بكشف الجزء الأخير من رسالة العذراء المباركة التي ظهرت لثلاثة أطفال في بلدة فاطيما في البرتغال عام 1917.
كشفت لوسيا الرسالة لأوَّل مرَّة إلى البابا بولس الثاني عشر الذي بعد قراءتها ختمها، وحفظها بعيدًا بدون إعلانها للشعب. بعد ذلك قرأها البابا يوحنا الثالث والعشرون وبنفس الطريقة حفظها بعيدًا عن الشعب، كما فعل سلفه وذلك لأنَّه عرف أنَّ كشفها سيولِّدُ اليأس والألم للبشريَّة. ولكن حان الوقت وبإذن من البابا القدِّيس يوحنا بولس الثاني، لكشفها إلى أبناء الله ليس من أجل خلق الألم واليأس، ولكن من أجل اضطلاع الناس جميعًا على هذه الرسالة المهمَّة، لكي يتهيَّئوا لما سيحدُث. قالت الطوباويَّة العذراء مريم إلى لوسيا: "إذهبي يا طفلتي، وأخبري العالم بما الذي سيحدث خلال الأعوام من 1950 إلى 2000. إنَّ البشرية لم تعد تمارس ما يطلبه الآب السماويّ، والشرّ يسيطر على العالم ويحصد الكراهيَّة والامتعاض من الجميع، ستصنع البشرية أسلحة فتَّاكة بإمكانها أن تدمِّر العالم في دقائق، ونصف الجنس البشريّ سيدمَّر، الحرب ستبدأ عند روما وسيكون هناك صراعات بين الرِّتب الدينية، وسيسمح الله بكل الظواهر الطبيعية مثل الدخان، والبرد، والماء، والنار، والفيضانات، والزلازل، والعواصف، والأجواء الشديدة، بأن تضرب الكوكب بتكرار. وهذه الاشياء كلها ستنتهي قبل عام 2010، وأولئك الذين لا يصدِّقون، فقد حان الوقت ليعرفوا بأنَّ أمّهم العجيبة تخبرهم بأنَّ الذين يفتقرون إلى الإحسان إلى الآخرين، والذين لا يحبّون أقربائهم كما أحبّهم إبني الحبيب جميعًا، فسوف لن تكون لهم الحياة، وسيتمنّون الموت. إنَّ الملايين لا يتصوَّرون بأنَّ ذلك سيحدث، ولكن بدون شك، فإنَّ الله ربّنا سيعاقب بشدَّة أولئك الذين لا يومنون به، ويكرهونه، والذين ليس لديهم وقت له. لذلك أدعوكم جميعًا بأن تأتوا إلى ابني يسوع المسيح، والله سيساعد العالم، ولكن الذين لا يظهرون الولاء والإخلاص سوف يهلكون. بالرغم من أنَّ الأبرار يسيرون في طريق ضيِّق، فإنَّ الأشرار يسيرون في طريق واسعة وستقودهم حتمًا إلى الهلاك. نفوسٌ كثيرة ستخسر، وأمم كثيرة ستختفي من على سطح الأرض، ولكن في وسط كلّ هذا فإنَّ البشريَّة إذا رجعت إلى الصلاة وممارسة الأعمال الجيِّدة، فمن الممكن أن ينقذ العالم. وإذا أصرَّت على الإستمرار في شرِّها، فإنَّ العالم سيضيع إلى الأبد".
• الظهور الرابع للطوباويَّة العذراء 13 آب \ أغسطس 1917
في موعد الظهور الرابع، في يوم ١٣ آب 1917، تجمَّع في مكان الظهور حوالي 18,000 ثمانية عشر ألف شخص، وأخذوا في الترنيم، والصلاة، والتسبيح. ولكن الأطفال لم يحضروا في الموعد لأنَّ حاكم المنطقة حبسهم في المركز بالقوَّة، ولما علمت الجموع بذلك هاجوا وقرَّروا التظاهر أمام مركز الحكومة. وهنا سمع الجميع دويّ الرَّعد، وازدانت السماء ببريق لامع، فتضاءَل نور الشمس، ومال لونُ الجوّ إلى الإصفرار، وتكوَّنت سحابَة بيضاء جميلة فوق شجرة السنديان الصغيرة، ثمَّ ارتفعت، ثمَّ تلاشت، فذُهِلَ الجميع وعادوا إلى منازلهم وهم يتحدَّثون عمَّا شاهدوه بفرح.
وفي ١٩ آب \ أغسطس ظهرت العذراء للأطفال الثلاثة في مكانٍ آخر يسمَّى فالينبوس، واستنكرت ما فعله الحاكم معهم وقالت لهم: "أريدكم أن تستمروا في الذهاب إلى كوفا دا أريا في الثالث عشر من الشهر، وأن تواصلوا الصلاة بالمسبحة كلَّ يوم، وفي الشهر الأخير سأصنع معجزة تجعل الكلّ يؤمن". ولمَّا سألتها لوسيا: "ماذا نعمل بالنقود التي يتركها الناس؟" قالت لها: "إصنعي خطابين، إحملي أنتِ وجاسينتا، وبنتان أخريان يرتديان ملابس بيضاء، أحدهما، والآخر يحمله فرانسيسكو وثلاثة أولاد أُخر، وتستخدم النقود في الإحتفال بسيِّدة المسبحة، وما يتبقى بعد ذلك يساعد في بناء كنيسة في هذا المكان". وطلبت منها لوسيا أن تشفي بعض الناس المرضى، فقالت لها: "نعم، سأشفي بعضهم خلال العام". وقبل أن تذهب قالت لهم: "صلّوا، صلّوا كثيرًا من أجل الخطأة، لأنَّ أرواح كثيرة تذهب إلى الجحيم، ولأنه لا يوجد من يصلّي من أجلهم".
• الظهور الخامس للطوباويَّة العذراء 13 أيلول \ سبتمبر 1917
توجَّه إلى بلدة فاطيما، في يوم 13 أيلول 1917 حوالي 30000 ثلاثين ألف شخص، وسجدوا جميعًا في الوادي للصلاة بكلّ خشوع بعد أن طلبت منهم لوسيا ذلك، وفي الوقت المعيَّن بدأت الشمس تفقد بهاءَها، ومالَ لون الجوّ إلى الإصفرار الذهبيّ، وشاهد أكثر الحاضرين كرة من نور تسير بعظمة وجلال من الشرق إلى الغرب في الفضاء، وظلَّلت سحابة بيضاء شجرة السنديان والأطفال الثلاثة، ولاحظ الجمع كلّه أنَّ لوسيا كانت تتحدَّث بصوتٍ مرتفع مع شخص غير منظور، مع العذراء التي كان الأطفال يرونها ولا يراها الجموع. وكرَّرت القدِّيسة مريم العذراء طلب الصلاة بالمسبحة، قائلة: "استمرّوا في الصلاة بالمسبحة. في تشرين الأوَّل \ أكتوبر سيأتي ربّنا وسيظهر القدِّيس يوسف مع الطفل يسوع ليبارك العالم. الله راضٍ عن تضحياتكم". ولمَّا سألتها لوسيا عن شفاء بعض الناس، قالت لها: : "نعم، سأشفي البعض ولكن الباقين لن يُشفوا لأنَّ السيِّد المسيح غير راضٍ عنهم". ثم أكَّدت على المعجزة التي ستحدث في تشرين الأوَّل \ أكتوبر.
• الظهور السادس للطوباويَّة العذراء 13 تشرين الأوَّل \ أكتوبر 1917
المعجزة الكبرى في هذا الظهور هي معجزة الشمس، وما وعدت به العذراء بصنع معجزة كبرى في الظهور السادس والأخير، معجزة يراها كلّ واحد ويؤمن بها، في فاطيما.
انتشر الخبر في جميع البلاد. وفي الوقت المحدَّد والمكان المحدَّد، اجتمع 70000 سبعون ألف شخص من كلّ البلاد، والفئات، والأعمار، والأديان، والثقافات، ورجال الصحافة والإعلام.
في ذلك اليوم أشرقت الشمس، ولكن غطَّتها سحابة مظلمة منذرة بعاصفة شديدة. وفي الساعة العاشرة صباحًا تساقطت الأمطار بغزارة شديدة، وكانت الريح شديدة وعاصفة، وعند الظهر، وفي الوقت المعتاد، لظهور العذراء مريم القدِّيسة، لم يحدُث شيء ممَّا جعل أهالي الأطفال يخشون عليهم من غضب الجموع الحاضرة لو حدث لهم خيبة أمل، ولم تحدث المعجزة الموعودة. جاء اقتراح كاهن البلدة على الأطفال أن يغادروا المكان، ولكنَّ الأطفال الثلاثة أصرّوا على البقاء، وفي اللحظة التي حاول فيها الكاهن أن يدفعهم دفعًا للذهاب إلى منازلهم، رأت لوسيا الوميض الذي كان يسبق دائمًا ظهور العذراء والدة الإله القدِّيسة. وفي تلك اللحظة توقَّف المطر بصورة عجيبة ومفاجئة، وأشرقت الشمس وصرخت لوسيا: "ها هي تأتي"،
وهنا شاهدت الجموع، على ثلاث دفعات متتالية، سحابة بيضاء تظلِّل الأطفال الثلاثة طوال مدَّة الظهور الذي استمر من 12 إلى 13 دقيقة. وأبلغت القدِّيسة مريم العذراء لوسيا أنه يجب أن يُبنى كنيسة في مكان الظهور تكريمًا لها، وأن يصلِّي المؤمنون المسبحة باستمرار، كما وأبلغتها أنَّ الحرب العالمية الأولى على وشك الإنتهاء، وأنَّ الجنود سيعودون إلى منازلهم حالًا. ووعدتها بشفاء بعض المرضى التي طلبت من العذراء شفاءهم، أما البعض الآخر فعليهم أن يتوبوا ويصلحوا طرقهم أولاً، وطلبت من لوسيا أن تصلِّي من أجلهم. وعند مغادرة العذراء بسطت يداها فخرج منها فيضان من النور، وعندما كانت صاعدة إلى السماء اتَّجهت نحو الشمس، فأضاء النور الخارج من يديها الشمس نفسها، وفجأة انطلق من وسط الجموع صرخة اندهاش مروِّعة. فقد صارت الشمس باهته مثل القمر، وعلى يسار الشمس رأى الأطفال القدِّيس يوسف يُمسك في يده اليسرى الطفل يسوع، ثم رفع القدِّيس يوسف يدهُ اليُمنى مع الطفل يسوع ورسمَا علامة الصليب ثلاث مرَّات على الجموع، ولكنَّ الجموع لم ترى سوى إخفاق الشمس. وفي اللحظة نفسها، ظهرت العذراء على يمين الشمس في هيئةٍ سامية مجيدة، وترتدي رداءً أزرق وأبيض، ورأت لوسيا السيِّد المسيح في زيّ أحمر كالفادي الإلهي وهو يبارك الجموع، ثم ظهرت العذراء بين الرَّبّ يسوع المسيح والقدِّيس يوسف في ثوب أرجواني، ثم ظهرت ثانية للوسيا في ثوبٍ بنيّ بسيط، قائلة: "أنا سيِّدة الكرمَل".
في هذا الظهور الأخير للطوباويَّة العذراء مريم والدة الإله، أبرز الله تعالى قدرته بشكل عجيب، في اليوم والساعة اللذين سبقت وحدّدتهما السيِّدة الطاهرة، موضحةً أسماءَها الثلاثيَّة:
1 – سيِّدة الورديَّة، 2 – سيِّدة الأوجاع، 3 – سيِّدة الكرمَل
1 – سيِّدة الورديَّة:
"وعند مغادرة العذراء بسطت يداها فخرج منها فيضان من النور، وعندما كانت صاعدة إلى السماء اتَّجهت نحو الشمس، فأضاء النور الخارج من يديها الشمس نفسها، وفجأة انطلق من وسط الجموع صرخة اندهاش مروِّعة. فقد صارت الشمس باهته مثل القمر، وعلى يسار الشمس رأى الأطفال القدِّيس يوسف يُمسك في يده اليسرى الطفل يسوع، ثم رفع القدِّيس يوسف يدهُ اليُمنى مع الطفل يسوع ورسمَا علامة الصليب ثلاث مرَّات على الجموع".
تُفهمنا سيِّدة الورديَّة، في ظهورها مع القدِّيس يوسف والطفل يسوع، سعادة الحياة الخفيَّة في الله، قالت العذراء القدّيسة: "استمرّوا في صلاة المسبحة، وهذا هو سرّ الفرح".
2 – سيِّدة الأوجاع:
"ثم ظهرت العذراء بين الرَّبّ يسوع المسيح والقدِّيس يوسف في ثوب أرجواني"
تدعونا سيِّدة الأوجاع، في ظهورها بين الرَّبّ يسوع والقدِّيس يوسف، إلى التوبة والتكفير، وتقوّينا في مقاصدنا، قالت العذراء القدّيسة:
"ضحوا بأنفسكم من أجل الخطاة وكرّروا في كل مرَّة تصلّون فيها: "يا يسوع أغفر لنا خطايانا، من أجل حبك، ومن أجل توبة الخطاة"، وهذا هو سرّ الحزن".
3 – سيِّدة الكرمَل:
"ثم ظهرت ثانية للوسيا في ثوبٍ بنيّ بسيط، قائلة: "أنا سيِّدة الكرمَل".
تساعدنا سيِّدة الكرمَل، على السير باتجاه الحياة الأبديَّة. التي نخطوها نحوها خطواتنا الأولى إبتداءً من هذه الأرض، قالت العذراء القدّيسة:
""صلّوا، صلّوا كثيرًا من أجل الخطأة، لأنَّ أرواح كثيرة تذهب إلى الجحيم، ولأنه لا يوجد من يصلّي من أجلهم"، وهذا هو سرّ المجد".
في هذه التسمية الثالثة لها، نعود إلى ظهورها يوم 16 تمّوز سنة 1251 على القدِّيس سيمون ستوك، الرئيس العام للكرمَليِّين آنذاك، قائلة له وفي يدها الثوب الكرمَليّ المقدَّس: "هذا الثوب المقدَّس لكَ ولكلِّ الكرمَليِّين، من يموت لابسًا هذا الثوب، ينال الحياة الأبديَّة ويخلُص من عذاب الجحيم".
• كرة من نار وألوان مبهرة.
وفي الوقت الذي كان الأطفال يشاهدون فيه هذه الرؤى السماويَّة، كانت الجموع على الجانب الآخر مأخوذة بمنظر مدهش ومروِّع يحدث في السماء، فقد امتنع المطر فجأة، وانقشعت الغيوم ووضحت الشمس بيضاء مثل كرة نارية بلون الفضة يمكن التحديق فيها بدون أذىً حتى إنَّ أحد الحاضرين صاح قائلاً:
"يمكننا أن نحدِّق في الشمس بسهولة، إنها لا تؤذي العين على الإطلاق". ". ثم دارت الشمس مندفعة كعجلة من نار حول نفسها مترنِّحة، ومثل كشاف جبار، كانت ترسل في جميع الأنحاء أنوارًا خياليَّة مبهرة حمراء وخضراء، ومن كلّ لون فوق السحب، وفوق الجماهير المحتشدة. فوقف الناس في سكون وصمت مهيب يمعنون النظر في الشمس. ثم توقَّفت الشمس عن إرسال أنوارها فجأة وبدأت تدور ثانية وكأنها "ترقص" ثم توقفت، وتكرَّر ذلك مرة ثالثة حتى بدا وكأنها تفقد السيطرة على نفسها، ثم اندفعت مثل كرة نارية كبيرة نحو الأرض، وبدا وكأنها ستسقط على الناس فخافت الجموع وامتلأت قلوبهم خوفًا، وظنّوا أنها نهاية العالم، وانهم مائتين لا محالة. فصرخوا في خوف، وطلب بعضهم الرحمة وتاب البعض نادمًا على ما فعل من خطايا، واعترفت إحدى السيدات بخطاياها علانية. وتوقَّفت الشمس فجأة وعادت لمكانها في السماء. وعندما انتهت المعجزة وجد الناس، سواء الذين كانوا في مكان الظهور أو الذين كانوا في القرى المحيطة، أنَّ كلَّ شيءٍ جفَّ فجأة من مياه الأمطار الغزيرة التي هطلت قبل حدوث المعجزة مباشرة.
• الصحافة والظهور
كان هناك في ذلك الوقت في البرتغال صحيفتان شهيرتان هما:
Daily News الأخبار اليومية والقرن O Secular
كانتا ضدَّ الدين دائمًا، ولمَّا حدثت الظهورات قامت كلتاهما بتسجيل معجزة الشمس بالتفصيل كما سجَّلت الكثير من أقوال شهود العيان، فجاء في جريدة القرن ما نصَّهُ: "صار للسماء شكل رمادي لؤلؤي خفيف، وشفَّاف غريب، ملأ الطبيعة الكئيبة وبدت الشمس محتجبة بضباب شفاف ليمكننا من النظر فيها بدون صعوبة، وبدأ اللون الرمادي الشفاف يتغيَّر كما إلى قرص فضّي، ونما حتى اخترق 15 تشرين الأوَّل \ أكتوبر 1917، وتروي خبر المعجزة السحاب، وظلَّت الشمس مغلَّفة بنفس الضوء الرمادي الشفاف، ثم شوهدت وهي تدور وتتلوَّى داخل دائرة السحاب المتقلِّص، وصرخ الناس بصوت واحد، وخرَّ آلاف البشر الذين ارتفع إيمانهم إلى السماء وسجدوا على ركبهم على الأرض الطينيَّة. ثم صار النور أزرق خفيف ينشر أشعته على الكرة الهائلة كما لو أنه يسطع من خلال زجاج ملوَّن لكاتدرائية عظيمة، ثمَّ خفَّت اللون الأزرق، واختفى، وبدا وكأنه ينفذ من خلال زجاج ملوَّن بالأصفر، وبدأت البقع الصفراء تسقط على الأرض".