"مريَم، أمٌّ لنا ومعلِّمَة ..."

كتابَة الأب نوهرا صفير الكرمَلي

إنَّ دور الطوباويَّة العذراء مَريَم في الكنيسَة وفي حَيَاتِنا، نموذَجٌ ومِثَال. هذِهِ الأَرض الطيِّبَة الـخَصبَة الـمقدَّسَة الَّتي أزهَر فيهَا الـخَلاص، تَحمِلُ لِكُلٍّ مِنَّا صورَة إِنجيليَّة في غايَة الإيمَان، مقدِّمَةً للجَميع مثَالاً كامِلاً لـحـياةٍ تحثُّنا فيهَا على الإقتداء بهَا بالتأمُّل الـمتواصِل في كلام الله بالإيمَان.

إِنَّ حياتنا الـمسيحيَّة، تَكْمُن بعَطاء الذَّات بالـحُبّ الكَامِل، والـمتعدِّد الأَشكَال والصِّفَات. وبهَذا الـحُبّ، تتطابَق حَيَاتُنا على حَيَاة مَن هي لنا أُمٌّ ومُعلِّمَة، هذه الشفيعَة الَّتي بواسطتِهَا وبقيَادَتِهَا ندخُل في سِرّ الـمَسيح ابنِهَا، وعروسَتِهِ الكَنيسَة الـمقدَّسَة.

بهذه الطريقة ندخُل في علاقة الأبناء، بالأُمّ، متمِّمين في قلبِ العالم، حياتنا الـمَوضوعَة تحتَ حِمَايَتِهَا وشَفاعَتِهَا. متَّخذين من حَيَاتِهَا، وإيمَانِهَا، وفضائِلِهَا، مثالًا حقيقيًّا لشَهَادةٍ حقَّة في طريقنا صوبَ السَّلام مع الذَّات ومع القريب.

مريم هي مثالنا في الصلاة. بل هي نفسها ثمرة صلاةِ أَجيَالٍ وشعوبٍ كثيرة، وهي تحملُ مَن يلقاها على الصلاة، وأيضا تُعلّم أبناء الكنيسة الصلاة. يقول القدِّيس أمبروسيوس: "مريم هي صورة الكنيسة في الإيمان، والـمحبَّة، والإتّحاد الكامل بالـمَسِيح"، وحضورهَا في حياتنا اليومية، يَطبَع أيضًا، واقِعَنا، والتزاماتِنا بطابِعِهِ، عاملينَ بِجَهدٍ حقيقيّ على أن نَعرفهَا مَعرفة أعمَق، منجَذِبين إلى الـحُبّ السَّاكِنِ فيهَا نحو كُلٍّ مِنَّا، ومظهرينَ إيَّاهَا مثالًا، ومعلِّمَة للشركة مَعَ الـمَسيح والكنيسَة، ومعَ الَّذينَ نُحِبُّهم ويُحبّوننا. إنَّ الله الكُلّيّ القدرة،

- أَحبَّ تواضُعَ مَريَم، في نشيدها قالت: "حطَّ الـمقتدرين عن الكراسي ورفَعَ الـمتواضعين ...".
- أَحبَّ عطَشَ مَريَم وجوعها لكَلِمَتِهِ، في نشيدها قالت: "أشبَعَ الـجيَاع خيرًا، والأَغنيَاء أَرسلهُم فارغين".
- أَحبَّ إيمانَ مَريَم فاحترَمَ حُرِّيَّتهَا، فأرسَلَ ملاكَهُ، يسألُها بكلّ حرّيةٍ لتصير أمًّا لوحيدِهِ. وهي قالت: "... "... فليَكُن لي بحسَب قولِكَ...".
- حبَّ مَريَم في إصغائِهَا وتواصُلِهَا، فاحترَمَ حريّتهَا، فمَلأهَا نِعمَة، وعلى محبّتِهِ الإلهيَّة لهَا، أَجَابَتهُ: "نعم".
- أَحبَّ طاعَة مَريَم، وبتواضعها هي أمام عظمتِهِ، رأت ذاتَهَا، واعترفت بضعفها، قائلة: "ها أنا أَمَة الرَّبّ!" وهو بحُبِّهِ الشديد للإنسَان، لا يُعامل خاصَّتَهُ على أنَّهم عبيد، بل كإخوة.

حياةُ مريم نشيدٌ، وفيها تعبيرٌ ودليلٌ كيفَ أنَّ الله رفعهَا إلى مرتبَة كرامَة أَبناءِ الله، بل تجسَّدَ في أَحشَائهَا وصَارت لهُ أُمًّا. ما أعظَم الله في تواضُعِهِ وحُبِّهِ، ومَا أَرفَعَ مريَم في طاعَتهَا لهُ ومحبَّتهَا، لأنَّهُ: "حطَّ الـمقتدرين عن الكراسي ورفعَ الـمتواضعين ...". تقول القدِّيسَة تريزا بنديكتا للصليب الكرمليَّة الشهيدة – إديت شتاين: ”يُعبِّرُ نشيد مريم عن معرفتِهَا، بأنَّها رُقِّيَتْ إلى مرتبَة الوسيطة الـمستَحصِلة كلّ النِّعم“.

”يُعبِّرُ نشيد مريم عن معرفتِهَا، بأنَّها رُقِّيَتْ إلى مرتبَة الوسيطة الـمستَحصِلة كلّ النِّعم“.
تُعظِّمُ نفســـي الرّب وتبتهِجُ روحي باللهِ مخلّصـــي
لأنّهُ نظَرَ إلى تواضُعِ أمتِــــهِ فها مندُ الآنَ تطوِّبني جميعُ الأَجيَال
لأنّ القديرَ صنعَ بي عظائم واسمُه قدّوس ورحمتُهُ إلى أجيالٍ وأجيالٍ، للَّذينَ يتقونهُ
صنعَ عزًّا بساعِدِهِ، وشتتَ الـمتكبِّريــن بأفكارِ قلوبهــــم
حَطَّ الـمُقتدرينَ عن الكراســـــي، ورفعَ الـمتواضعيـــــــــــــن.
أشبعَ الجياع خيـــــــــرًا والأغنيـــاءَ أرسلهُـــــم فارغيـــن
عضَدَ إسرائيلَ فتاهُ فذكرَ رحمتَــــهُ كمَا كلَّمَ إبراهيمَ ونسلِـــه إلى الأبــــد.

المراجع:




Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit