الأب ماري-أوجِين للطفل يسوع ومعلِّمي الكرمَل


كتابة: الأب جوزف شلالا الكرمَلي


عامًا بعد عام، تُطِلُّ الرَّهبانيَّة الكرمَليَّة في العالم عبر وجوهٍ طبَعَت تاريخَها وروحانيَّتها باختبارات أبطالٍ زيَّنوا الحياة الرَّهبانيَّة بعيش الفضائِل المسيحيَّة والمشورات الإنجيليَّة، حياةً ملؤها الوصول إلى الملكوت، حيثُ يتجلَّى هناك اللقاء مع الحبيب ( راجع كتاب يوحنا للصليب، الأعمال الصغرى \ شعلة الحبّ الحيَّة، 1:8، ص 217) أمثال: تريزا ليسوع الأفيليَّة، يوحنَّا للصليب، وتريز الطفل يسوع والوجه الأقدس، ...هذه الشخصيَّات كلُّها التي طبَعَت حياة الكرمَل، ليست إلاَّ علامَة من العلامات التي تُظهِرُ لنا حضور الله الفاعِل في قلب الكنيسَة الذي ينبض بالحُبّ، وهي علامة تفرّح النفوس في زمننا الحاضر.

إنَّ الأب ماري-أوجين للطفل يسوع، هو من الشخصيَّات الرائدة في الفضائِل الإنجيليَّة واللاهوتيّة، والإستسلام الكلّي لمشيئة الله والعمَل بحسب إرادته القدّوسَة، فكتب يقول: "عصرُنا متعطّش إلى الله، وجائع إلى الله. هذا الجوع لا نتحسّسه في النفوس فقط، وفي العيون، بل نتلمّسهُ لدى المستمعين عندما نحدّثهم عن الله. ماذا يطلبون منّا؟ تعرفون كما أعرف أنا: أن نحدّثهم عن الله..." .1

فلنسعى للقداسة، ولتكن هي غايتنا.

هذا الاستسلام الكلّي الى الحبّ الإلهيّ، أظهَرَ مهمَّة دعوتِهِ في قلب الكنيسَة والكرمَل. كتب يقول: "دعوتي هي دعوة لاهوتية، وأنا خُلقتُ حتى أقود النفوس الى الله وأقودهم إلى الإتحاد بالله". كتاباتهُ تشهد للمَلأ عن حياته ودعوتهِ، وتعليمه والعمق اللاَّهوتي والإيمَاني والرَّسولي. وُلِدَ هنري غِريَالو Henri Grialou في 2 كانون الأول 1894، في غويَا في آفيرون Aveyron- فرنسا، وفي الكرمَل اتَّخذَ إسمًا لهُ: "الأخ ماري-أوجين للطفل يسوع". وفي 24 شباط 1922، دخل رهبانيَّة سيِّدة جبل الكرمَل، للكرمَليِّين الحفاة في آفون،Avon (Fontainebleau) - France - فرنسا، بعد أن كان جنديًّا وإكليريكيًّا وكاهنًا. وفي عام 1932 أسّس مع مجموعة من الفتيات التقيّات جمعيّة روحية سمِّيت في ما بعد مؤسّسة سيّدة الحياة، للعلمانيّين نساء ورجالاً وكهنة، وفي 1937 عُيّن مديرًا عامًا للرهبنة في روما. وفي 27 آذار1967، إثنين الفصح: دخل الحياة الأبديَّة بعد صراعِهِ مع مرضٍ خطير.

إنَّ دخولَه في حياة رهبانيَّة الكرمَل، قادَهُ يومًا فيومًا بشوقٍ عميق الى أن يرى الله وهذا العِشقُ لرؤيتِهِ، قادهُ إليه مطالعتُه لكتابات ملافنة الكرمَل الكبار: تريزا ليسوع الأفيليَّة، يوحنَّا للصليب، وتريز الطفل يسوع والوجه الأقدس. وبمطالعتنا لكتاباتِهِ نكتشف مدى تأثيرهم الكبير على حياتِهِ الرَّهبانيّة، وعلى دعوتِهِ، ورسالتِهِ، وروحانيَّته. هذا الحُبّ يميّز كالخطوط تعاليمه، كما ويعبّر عن جمال النّعمة الساكنة فيه، وعن رسالته في حياة الكنيسة.

يدعونا الأب ماري- أوجين، إلى أن نشاهدَ سرّ الله، ونكتشفَه ككائن حيّ، لأنَّنا مدعوّون، في المسيح يسوع، إلى مشاركته حياتَه. كتب يقول: "الحياة المسيحيَّة تقوم على أن نتَّحد بالله، ومع الله الآب نتنفَّس الحبّ؛ وكما يقول أبينا القدّيس يوحنا للصليب، أن نتنفَّسَ الروحَ القدس. هذه هي وظيفتنا الأساسيّة".

تُحقّق النّعمة في حياة كلِّ واحد منَّا كمالاً وحيدًا هو كمال الله، وهذه النِّعمة لا تتحقَّق إلاَّ عبر الإتّحاد في الحياة الإلهيّة. وهذا البذل والعطاء المجَّاني، لا يمكن له أن يكون كاملاً إلى هذه الدرجة، إلاّ لأنَّ حياة النعمة تتبسّط في شخص الانسان بمجمله، أي في كلِّ كيانِهِ، وعقلهِ، ونفسِهِ، وجسدهِ، إلخ...، وكلّها تتعلَّق بهذه المسيرة نحو الرَّبّ، لأنَّ معناها وجوهرها في حياتنا المسيحيَّة هو في البحث الدائم عن من هو الحقيقة: أي الله، وأن نجده، وأن نتواصل معه، وأن نحملهُ ونعطيه إلى كلّ إنسان نلتقيه. كتب يقول: "سِيَر القدّيسين الكبار، خاصة أولئك الذين كانت لهم رسالة مثل موسى، كأمثال أمّنا القدّيسة تريزا، التي انطبعت، في البداية، بنور باهر عن الله، بما سمّاها فيما بعد أبينا القدِّيس يوحنا للصليب "لمسةً جوهريّة" أي ضوء على ذات الله".

إنَّ النظر إلى الله؛ ومحاولة التأمّل في حبّه للإنسان،.هو بالنسبة الى حياة كلٍّ منّا، بداية ما علينا أن نُسمِّيه "مسيرةً نحو الله": نحو الآب الكُليّ الصلاح، وينبوع النور الذي لا يعرف المغيب، وينبوع الرحمة الذي لا ينضب، وهو إله الحبّ اللامتناهي. كتب يقول: "وحدهُ التأمل يستطيع أن يقود النفس إلى مسيرة حقيقيَّة نحو الله، لا بل يجب أن يتوق إلى معرفةٍ ما عن ذاتِ الله. إنَّ أمّنا القدّيسة تريزا ليسوع وأبانا القدّيس يوحنا للصليب يقولان لنا بكل بساطة، في طريق التأمّل الذي يرسمانه: في قمّة الحياة الروحانية توجد معرفةُ الله، ولا تتردّد القدّيسة تريزا عن أن تسمّيها "الرؤية العقليّة للثالوث الأقدس" . هذه ليست رؤيا، بل إنها نوع من معرفة بتشابه الطبيعة، ومعرفةٌ إيمانية دائماً، لكنها معرفة على كل حال. والقدّيسة تريز الطفل يسوع كان لديها، هي أيضاً، هاجسُ سرّ الثالوث في مسيرتها القصيرة على الأرض".

ليس بالصدفة، اختيار يوم السبت 19 تشرين الثاني 2016، يومًا لإعلان الأب ماري-أوجين طوباويّ على مذابح الكنيسَة المقدَّسَة، عِلمًا أنَّ يوم السبت هو يوم مريمي بامتياز في الكرمَل وفي الكنيسة؛ وعُرِفَ بعد ظهور العذراء مريم على الرئيس العام للرَّهبانيَّة الكرمليَّة القدِّيس سمعان ستوك وإعطائِهِ ثوبَ الكرمَل المقدَّس، يوم السبت 16 تمّوز 1251. وهو أيضًا التاريخ الأقرب لعيد جميع قدِّيسي الكرمَل، وتحتفل الرَّهبانيَّة بهم في 14 تشرين الثاني، وهذا ما يُظهِرُ لنا محبة الأب ماري-أوجين للكرمَل، واختباره لكبار قدّيسيه. وقد عبَّر البابا القدِّيس يوحنا بولس الثاني: "في صمتِ الكرمَل يستمرّ تفتُّح أزهارٍ تعطِّرها القداسَة، نفوسٌ مغرمَة بالسَّماء، عضَدت ببطولتها الإنجيليَّة رسالة الكنيسَة بأجمعها" .5

1 - P. Marie-Eugène de l’E. Jésus OCD: Conférence du 18 mai 1958, publiée dans Carmel 1988, 3- 4, no 51, P. 342.
2 - Marie PILA, “Le fondateur”, dans Carmel, no spécial, «Le père Marie-Eugène de l’E.J.»Mars1968, p. 112 – 128, texte repris dans Carmel, 1988, 3- 4, no 51, p. 233- 249.
3 - Cf. Nuit obscure, p. 661s, et Vive flamme. Str. 2. P. 975 s.
4 - Cf. Château de l’âme. V II Dem. P. 1030- 1031.
5 - Lettre Jean Paul II AU Prieur Générale de L’Ordre des Carmes, du Vatican, 7 Octobre 2002.

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit