لماذا المعهد الكرمليّ للَّاهوت الروحيّ؟
تسعى رهبانيَّة الكرمل لنشر روحانيّتها في الكنيسة، وذلك من خلال تعليم معلّمي الكنيسة الجامعة: القدّيسة تريزا الأفيليّة والقديس يوحنا الصليب والقدّيسة تريز الطفل يسوع. وخلاصة تعليمهم، هي خبرةٌ روحيَّة تستهوي القلوب ولا تبلغها إلاَّ النفوس المتجرّدة، والتي تنقاد إلى عمل الرّوح فيها، وتطلب مشيئة الله في كلّ وقت. لذا يبدو هؤلاء المعلّمون الثلاثة كأنّهم شعلة من لهيب حبِّ الله تلفح من يُقارِبهم. لكن هذا المجد لم يكسِف نورَ أمِّ الكرمل البهيَّة، تلك التي كانت تسمع كلام الله وتحفظه وتتأمّله في قلبها، بل وتستمدُّ أمومَتَها من إصغائها إلى كلمة الله الحالّ فيها.
فمنذ انتهاء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني والرهبانيَّة تبحث في جذور دعوتها وموهبتها بغية استيضاح السبل لخدمة الكنيسة وتقديم الشهادة الحيّة على ما تختبره وتحياه. فكان التشديد على مبدأين أساسيَّين في روحانيّة القدّيسة تريزا ليسوع:
أولاً: لا رسالة بدون المشاركة في خبرة معلّمي الكرمل.
ثانيًا: لا خبرة روحيّة كرمليّة بدون دأب على ممارسة التأمل، عَصَب الروحانيّة.
وتوجز وثيقةُ المجمع الكرمليّ العام في سنة 1997، الملامح الأساسيّة للموهبة الكرمليّة بما يلي:
إختبار الله، والشهادة على بعده الروحي التطلّعي (التأملي).
الحياة الأخويّة.
الروح المريميّة.
وهذه الملامح التي تميّز حضورَ الكرمل والتزامَه في الكنيسة، يجب أن تَظهر في راعوية الروحانيّة (La pastorale de la spiritualité) أو العمل الرسولي في تنشيط الحياة الروحيّة.
وفي هذا المجال تُعيّن رسومُ الرهبانيّة أشكالاً خاصّة من العمل الرسولي مثل:
بيوت الصلاة، والرياضات، ومعاهد للَّاهوت الروحيّ، ومدارس التأمل، والمرافقة الروحيّة للكهنة والمكرَّسين بنوعٍ أخصّ. كما تقرَّر في المجمع عينه أن يُنشَأ في كلّ إقليم بيتٌ للصلاة التأمليّة على الأقلّ، ومركز للروحانيّات، يمكن أن يكون معهدًا لاهوتيًا جامعيًا أو مركزًا تثقيفيًا للعلمانيين. وقد جدّد المجمعُ العام في سنة 2003 هذه التوصيات ودخلت برنامج المعهد الروحيّ الكرمليّ.
فبناء على ما تقدَّم، وانسجامًا مع الموهبة الكرمليّة الخاصة، وتلبيةً لتوجيهات الكنيسة والمجامع الرهبانيّة الكرمليّة العامة، أقدمت الرهبانيّة الكرمليّة في لبنان على مشروعات مختلفة:
بمناسبة الذكرى المئوية الرابعة لوفاة القديسة تريزا ليسوع الأفليّة (1582-1982)، بدأت الرهبانيّة الكرمليّة في لبنان بنشر التراث الكرمليّ. وهو يضمّ كتابات معلّميه الكبار ولاهوتيّيه. وسارت ترجمة مؤلفاتهم أشواطًا، والثمرة بين أيدي القرّاء.
عقد المؤتمرات الكرمليّة وكان الأول في لبنان عن القديسة تريزا الأفيليّة. وقد نشرت أبحاثه في سلسلة "دراسات في التراث الكرمليّ". وتتالت المؤتمرات الكرمليّة: (2) يوحنا الصليب 1992. (3) تاريخ الكرمل في الشرق 1993. (4) القديسة تريز الطفل يسوع 1997. (5) القديسة تريزا بنيديكتا للصليب 2003. (6) الطوباويّة أليصابات للثالوث 2004..
إطلاق مجلة بهاء الكرمل La Splendeur du Carmel وهي مجلةٌ تتناول موضوعات روحيّة وكرمليّة من منظور لاهوتي أو فلسفي أو تاريخي بما فيها التصوّف المقارن.
افتتاح دير مار الياس المعيصرة، وتخصيص جناح للرياضات واستقبال جماعات أو حركات علمانيّة أو رهبانيّة للرياضة أو للصلاة.
تأسَّس المعهدُ الكرمليّ للاَّهوت الروحيّ، وهدفه تأمين تنشئة روحيّة للراغبين فيها من إكليروس وعلمانيين؛ فتكون الرهبانيّة في لبنان قد حقّقت خطوةً مهمّة من برنامجها في خدمة كنيسة لبنان والشرق.
بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لولادة القدّيسة تريزا ليسوع الأفيليّة، نظّم المعهد مؤتمرًا تريزيانيًّا ثانيًا تحت عنوان "لك ولدت" في 18-19 نيسان.
برعاية السفارة الاسبانيّة في لبنان والجامعة اليسوعيّة، نظّم المعهد طاولة مستديرة حول تريزا الأفيليّة وتأثيرها الروحي في 16-17 تشرين الثاني.
وفي ظل الأوضاع الراهنة في الشرق لا يمكننا أن نضعَ حدودًا لعمل الرّوح، فالمعهد الروحيّ سيكون أولاً وآخرًا مشروعَ من يحمل اسمَه، أي الرّوح القدس.