Page d'accueil Nos saints
سِرّ الصليب والآلام في حَيَاة تريزا ماريَّا للصليب الكَرمَليَّة
Sainte Thérèse-Bénédicte de la Croix

كتابة: الأب نوهرا صفير الكَرمَلي


إنَّ المَعرفة الحقيقيَّة لله تبلغُ أقصى ذروتهَا في التضحِيَة مِن أجل الآخرين، لأنَّ الله الكلّي القدرَة والعَظمَة جَوهرُهُ محبَّة وعَطاء، والمَحَبَّة تتجَلَّى في أن يَبذُلَ الإنسَانُ نفسَهُ في سَبيلِ أحِبَّائِهِ.

إنَّ تريزا مَاريَّا للصليب عَرَفت عَريسَهَا السَّمَاويّ، ودَخلت مَعَهُ إلى سرِّ صليبِهِ، والتزمَتْ بالسير مَعَهُ، فوَهَبَتْ لهُ ذاتهَا بكلِّ قواهَا وبكلِّ محَبَّة قلبهَا.

دعَاهَا فلبَّتْ الدَّعوَة وتبِعَتهُ... إلى حَملِ صَليبِهِ... (لوقا 9\ 23 – 26) تخلَّتْ عن أحلامِ حَيَاتِهَا، وأعطتهُ ذاتهَا حقاً. فردَّدَتْ مَع إبني زبَدى: "نعَم نستطيع أن نشرَبَ الكأس" (متى 20 \ 22) وهذه ال "نعَم" كانت على مِثال "نعَم" مَريَم التي قالت للمَلاك يَومَ بشَّرَهَا: "أنا أمَة الرَّبّ فليَكن لي بحَسَب قولِكَ". أمَّا رغبَة تريزا مَاريَّا للصليب فقد تجلّت في أن تسيرَ وراءَ عريسِهَا حيثمَا يَمضي وأن تقاسِمَهُ موتهُ المَجيد.

لم تكتفِ تريزا ماريَّا بأن تتبَعَ سيِّدَهَا وعريسَ حَيَاتِهَا في الكَلام فقط، بَل عاشَت سِرَّ صليبِهِ في كامل وجودِهَا الإنسَاني وذلِكَ في أن تتشبَّهَ كلّ يَوم بِهِ. إنَّ بَذل ذاتِهَا أتى بَذلاً كامِلاً في سبيل خِدمَة المَلكوت "وأبذُلُ حَيَاتي عن خرافي" (يوحنَّا 10\15).

عرفَت وفهمَتْ سِرّ الصليب في المَحَبَّة التي كانت تمارسُهَا مَعَ الفقراء واليَتامى، وآمَنتْ أنَّهُ بدونِهَا يصبح الصليب لا معنى لهُ. إنَّ مَحَبَّة عريسهَا الحقيقيَّة استعمَلتهَا لخير هؤلاء النفوس فجَعَلت مِن هذه المَحَبَّة وسيلة حقَّة للعَلاقة مَعَ الآب والآخرين. والتضحيَة التي قدَّمَتهَا اجتازتهَا عبرَ نظام الإيمَان والمَحَبَّة.

لبّتْ تريزا مَاريَّا دعوَة يَسوع لهَا في أن تتبَعهُ، ورَضِيَتْ بأن تتبَعهُ وتدخل دوّامة مَحَبَّتِهِ اللامتناهِيَة، وذلِكَ بخِدمَتِهِ في وَجه كلِّ فقير ومهمَّش ومُهَان ويَتيم... فاكتشَفَتْ إرادة الله وعَمِلتْ بهَا: "ليسَ كلّ مَن يَقولُ لي يَا ربّ، يَا ربّ يَدخل مَلكوت السَّمَاءْ، بَل مَن يَعمَل إرادة أبي الذي في السَّمَاءْ". رأتْ تريزا مَاريَّا في إرادة الله علامَة مميَّزة وواضِحَة وهي الدعَوة إلى التجَاوب مَعَهُ بعَطاءْ كامِل، من خلال صلاتِها وثِقتِها، بالوقت الذي كانَ العَامِلُ المهمُّ هو أن تأخذ قرارَهَا وتنطلِق لأنَّ الله سَيُظهِرُ لهَا مَا يَنتظِرُهُ مِنهَا.

عاشَت تريزا مَاريَّا حَيَاةً طابعُهَا الفضيلة والحبّ المضطرم للقربَان والصليب. وقد شهِدَ لقدَاسَتِهَا المقرَّبونَ مِنهَا. إنَّ الصليب هو أداة رجَاء وخلاص، قلَّة هم الذينَ يدركونَ جوهَرَ هذه الحقيقة. يَقول بولس الرَّسول: "الصليب جَهَالةٌ عِندَ الوثنيِّين وعارٌ عندَ اليَهود، أمَّا بالنسبَة لنا نحنُ المَسيحيِّين فهو خلاصٌ ومجد"، ويقول البَابَا بولس السَادس في إحدى رسَائِلِهِ حولَ الصليب: "لا شيءْ في حَيَاة المَسيح مهمّ بقدر آلامِهِ وعذابَاتِهِ فهي الينبوع الدائِم للخلاص...".

إختارَت تريزا ماريَّا للصليب إسماً لهَا، وأصبَحَ إسمُهَا في الرَّهبَانيَّة يوم 13 تمّوز 1888 "تريزا ماريَّا للصليب" وهو اليَوم الذي فيه تحقَّقَ حلمُهَا بتكرُّسِهَا مَع سَبع راهِبَات أخريَات بصورة نهَائيَّة للرَّبّ. إنَّ اختيَار الصليب في اسمهَا الرُّهبَاني كانَ نتيجَة قناعَة تكوَّنَت لديهَا ورافقتهَا طوالَ سنين حَيَاتِهَا في رهبَنة الكَرمِل. وهذا الإختيَار هو نهجٌ أرادتهُ لحَيَاتِهَا كلِّهَا وقد تحدَّثَتْ عنهُ باستمرار في رسَائِلِهَا، كمَا وأنَّهَا عبَّرَتْ عن سَعَادة كبرى بوجود الصلبَان حيثمَا اتَّجَهَتْ، كما من خلال:

حَمِلَتْ صليبَ آلامِهَا بإيمَان كبير ورغِبَتْ في المَزيد علَّهَا تتشبَّه وتشَارك في آلام عريسِهَا. لقد جَعَلتْ مِن آلامِهَا تضرُّعاً مستمراً، وتذوَّقَت المَحَبَّة التي خصَّهَا بهَا متى يَأتي الأوان، وازدادَت صلاتهَا بَسَاطة أكثر فأكثر.

في آلامِهَا اكتشَفَت تريزا ماريَّا التزام المَسيح العَميق الذي يَبذُلُ جَسَدَهُ ويَسكبُ دَمَهُ مِن أجلِهَا ومِن أجل إخوةٍ كثيرين. تأمَّلتْ طويلاً كلِمَاتْ يَسوع في إنجيلِ يوحنَّا: "إنِّي أبذُلُ حَيَاتي لكي أسترجعَهَا أيضاً، لم يَنتزعهَا أحَدٌ منِّي، وإنَّمَا أنا أبذلهَا باختيَاري" (يوحنَّا 10\ 17 – 18).

قاسَمَتْ يَسوع كأسَهُ، ورَفَعَتْ آلامَهَا على نيَّة رهبَنَتِهَا الكَرمَليَّة التي أحبَّتهَا للغايَة، وذهَبَتْ حتَّى النهَايَة أي حتَّى الصليب في بَذلِ حَيَاتِهَا مِثلَ عريسِهَا السَّمَاويّ يَسوع: "إذ كانَ يَسوعُ يَعلم أنَّ السَّاعَة قد حَانَتْ لهُ لِيَنتقِلَ مِن هذا العَالم إلى أبيه، هو الذي أحَبَّ خاصَّتهُ في العَالم، أحبَّهم إلى الغايَة" (يوحنَّا 13\ 1).

إستَقَتْ تريزا مَاريَّا مِن يَسوع القوَّة للقبول والسَير حتَّى النِّهَايَة. فتسَنَّى لهَا الإشتراك في حَيَاة يَسوع الممَجَّد الجَديدة. فأعطاهَا نِعمَة عظمَى في أن تتذوَّقَ مَجدَهُ الفِصحيّ في عمقِ قلبِ حَيَاتِهَا الإنسَانيَّة نفسَهَا بنوع مسبَق. تطلَّعَتْ بعَينَي قلبهَا إلى وَجهِ عريسِهَا فاكتشَفَتْ في هذا الوَجه حنانَ قلبِهِ اللامتناهي.

في عمقِ نزاعِهَا صلَّتْ إلى يَسوع كي يَتقبَّل هذا الألم، وبصلاتِهَا قدَّمَتْ ذاتهَا للآب السَّمَاويّ فاستحقَّتْ أن تشتركَ وتحتفِلَ في الإفخارستيَّا.

قالت أمّنا القدِّيسَة تريزا ليَسوع الكَرمَليَّة:
إنَّ مَن لهُ اللحظة الحَاضِرَة لهُ الله...
فمَن لهُ إذن اللحظة الحَاضِرَة لهُ كلُّ شيءْ...
اللحظة الحَاضِرَة تكفي...
فلا يقلِقَكَ شيءْ...

وفي ليل 23 نيسَان أسلمَتْ روحَهَا في حوالي السَّاعَة السَّادِسَة والربع صَبَاحاً بعد أن تناوَلت القربَان للمرَّة الأخيرَة وبَارَكَت جميعَ أخواتِهَا الكَرمَليَّات مردِّدَةً في ما يشبهُ الإنخطاف أو الرؤيَا: "لقد انفتحَت الآن، هَاأَنذا آتِيَة... أجَل أنا آتِيَة...".

ها هي اللحظة الحَاضِرَة قد أتت رافِعَةً كَلِمَاتِهَا وروحهَا حيثُ لا شيءَ يقلِقهَا ولا وَجَع. "هَاأنذا آتِيَة"... "أجَل إني آتِيَة"... نعَم هي ذاهِبَة إلى مَن كَشَفَ لهَا حقيقة حَيَاتِهَا الروحيَّة والذي قادَ حَيَاتهَا الخاصَّة، مستسلِمَةً هي بدورهَا لقوَّة النَّوم القديرَة التي لا تأمرهَا بَل تستقبلهَا. "لقد انفتَحَتْ الآن...".

نعَم هذه هي صورة الحَيَاة الروحيَّة لِتِلكَ الراهِبَة الكَرمَليَّة التي هي قبلَ كلِّ شيءْ إستسلامٌ كليّ وعميق بينَ يَديّ الله، هذا الإستسلامَ الهَاديءْ الّذي حقّق إتصالاً مبَاشراً مَع أعمَاقِ كَيَانِهَا حيثُ يَسكنُ قديمُ الأيَّام.

كانَ مَوتُها بدايَة حَيَاة جديدة، تجسَّدَتْ في حَيَاة حبَّة الحِنطة التي سَقَطَتْ في الأرض الخيِّرَة لتنبُتَ سنبلة محمَّلة بالحَيَاة، حَيَاة راهِبَات القدِّيسَة تريزا ليَسوع الكَرمَليَّات اللواتي يَعِشْنَ التأمُّل والرِّسَالة مِن خِلال الصلاة والسجود للقربَان، وكذلِكَ مِن خلال المسَاعَدَة في تربية النشء والتعليم الديني والخدَمَات الرَّعويَّة.

أختم مِن عِظة لقداسَة البَابَا يوحنَّا بولس الثاني في مناسَبَة إعلانِهَا طوبَاويَّة يوم 19 تشرين الأوَّل سنة 1986: "... كانت تريزا ماريَّا، الرَّاهِبَة الكَرمَليَّة، سَامِيَة، عَرَفَتْ كيفَ تتخطَّى النقد، النميمَة، الثورَة، الإهَانات العَلنيَّة وعذابَات سَرَطان وَقَعَتْ فريسَتهُ بكلِّ آلامِهِ المبَرِّحَة... لقد عَرَفَتْ أن تعيشَ السَّلام وهي تردِّد كلِمَات القدِّيس بولس: إنني أفيضُ فرَحاً وسَطَ مِحَني. (2كور 7\ 4)...".


Saint
Joseph Epoux de la V. Marie

Sainte
Thérèse de Jésus (d’Avila)

Saint
Jean De La Croix

Sainte
Thérèse de l’Enfant Jésus de la Sainte Face

Sainte
Thérèse-Bénédicte de la Croix

Sainte
Marie de Jésus Crucifié

Sainte
Elisabeth de la Trinité

Bienheureuse
Thérèse Marie de la Croix

Saint
Raphael Kalinowski

Bhx. Fr.
Marie-Eugène de L'Enfant Jésus

Autre Saints

les Saints du Carmel

Carmel Kids