Page d'accueil Nos saints
"... كلُّ شيء ... من أجل يسوع ..." بين تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب
Sainte Thérèse-Bénédicte de la Croix

كتابة الأب نوهرا صفير الكرملي

قال البابا القدِّيس يوحنَّا بولس الثاني: "في صمت الكرمَل المنتشر في مناطق عديدة من العالم، يستمرُّ تفتّح أزهار تعطِّرها القداسة، نفوسٌ مغرمة بالسماء، دعمت وتعضد ببطولتها الإنجيلية رسالة الكنيسة بشكل فعّال". بهذه الكَلِمَات عبَّر قداسة البابا عن الكَرمَل وعن النفوس المغرمة بالسَّمَاء، والتي أصبحت لزمننا وللأجيَال الآتية "كِلمِة مِن عند الله"، أمثال أمّنا القدِّيسَة تريزا ليسوع الأفيليِّة وتريزا ماريَّا للصليب، التي آضحت حياتهُنَّ وأعمَالهنَّ بطيَّاتهَا، رسَالة إمرأة عبقريِّة، وكنز وغنىً للعالم أجمع.

الطوباويَّة تريزا ماريَّا للصليب والمعروفة بِ "بتِّينا"، راهبة من الرَّهبانيَّة الكرمليَّة ومؤسِّسة الراهبات الكرمليَّات للقدِّيسَة تريزا ليسوع المُرسَلات - فلورنسا، وإبنة المصلحَة الكبيرة القدّيسة تريزا ليسوع الأفيليِّة، التي وفي إحدى ساعات الصلاة والتأمُّل العميق اليومي، سمعت بتّينا صوتاً، ورأت القدِّيسة تريزا ليسوع تدعوها لاتباعها. علماً أنَّ هذه المصلحة الكبيرة لرهبانيَّة الكرمَل المقدَّسَة، هي أوَّل إمرأة أعلنتها الكنيسِة سنة 1970: "أوَّل إمرأة معلِّمة في الكنيسِة الجَامعَة".

دخلت تريزا ليسوع والمعروفة ب تريزا الأفيليّة أو تريزا الكبيرة، إلى دير الكرمَل في آفيلا، يوم 2 تشرين الثاني سنة 1535.

دخلت تريزا ماريَّا للصليب "بتّينا" رهبانيَّة الكرمَل المقدَّسَة في فلورنسا، يوم 16 تمّوز سنة 1874، في عيد العذراء مريم سيِّدة جبَل الكرمَل.

«إني أموت، إبنة الكنيسَة» هكذا ردَّدت القدِّيسة تريزا ليسوع الأفيليّة، وهكذا عرفت كيف تحمل راية الإصلاح الكَرمَلي، حتَّى صارت معلِّمة للكنيسة ومعلِّمة للصلاة والتأمُّل، وأمّ الروحيِّين.

"أنا هنا في قلب الكنيسَة والكرمَل، لأعمل بمشيئَتِكَ يا ربّ". هكذا أعطتنا تريزا ماريَّا صورة عن حياتهَا الكرمليَّة المُرسَلة في قلب الكنيسة النابض بالعطاء والمحبَّة، والتي عرفت كيف تستسلم بكلِّيتهَا للحُبّ الإلهي اللامتناهي، هي التي كان كلّ نظرهَا متِّجه نحوه، تقول: "فلنتألَّم بفرح، لأنَّ الله هو كلُّ شيء بالنسبة إلينا".

هذه الإثنتين تفتَّحِت عيونهُنَّ على الله فور تفتُّحهنَّ على نور الحَياة، هذه الإثنتين حملت أعمَالهنَّ للكنيسة بشرى جديدة لزمننا الحاضر، حتَّى صارتا كلمة مِن عند الله، كلمة ممتلئة من الروح، تجسَّدت في حياتهنَّ، وكتاباتهنَّ، ورسائلهنَّ، لاهوت وعيش إختبار عميق.

تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب، إبنتا الكنيسة والكرمَل، أحبّوا الله حتَّى أقصى درجَات الحبّ، وتأمَّلتا كلامه ليل نهَار، وبحياتهنَّ العميقة والمملوءة من إختبار كبير، عبَّروا عن حبّهن للثالوث الأقدس، هذا الحُبّ النَّابع مِن الرّوح، روح الآب وروح يسوع، وعمَل الروح القدس في قلب حَيَاتهنَّ الكَرمَليِّة والتأمليَّة، التي بتعبير بسيط تختبر تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا، الثالوث الأقدس، بالمسيح يسوع، الذي يتردَّد اسمه كثيراً في قلب كتاباتهن، تقول تريزا ليسوع: "آه، يا يسوع الصالح، ما أوضَحَ ما أظهَرتَ أنَّكَ والآبُ واحِد، وأنَّ مشيئَتَكَ مشيئتهُ ومشيئَتَهُ مشيئَتَكَ". تُكمِل تريزا ماريَّا للصليب وتقول: "لا أريد سوى تحقيق مشيئة الله في حياتي: وهو قادر أن ينظِّم كلّ شيء لخيري".

إسم يسوع في كتاباتهنَّ يدلّ على الله المثلّث الأقانيم، كما يدلّ على الأقنوم الثاني، تقول تريزا ليسوع: "مَن لهُ الله، لهُ كلّ شيء، الله وحده يكفي"، وتقول أيضاً تريزا ماريَّا للصليب: "إنَّ شهَادة تكريسِنَا الكُلِّي ليسوع، وشهَادة شركتِنَا الأخويَّة ستقودان أناس اليوم إلى طريق الإنجيل". ويلِجُ بسرّ الله، وسرّ الإنسان، وسرّ الكنيسِة والقدِّيسين، وسرّ المَوت والقيامة.

أمَّا الآب، فتعترف تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب، بأنَّهُ وهَبهُنَّ رحمته اللامتناهية، يروا ويعبدوا مِن خلالهَا كمالاته، التي تظهَرُ لهُنَّ مُشعَّة بالحُبّ.

بالنسبة لهما إنَّ الآب هو الخالق الكلِّي القدرَة، ومُبدِع الكَون، ومَصدر كلّ حيّ، لأنّه رحمة ومحبّة. تقول تريزا ليسوع: ”الله موجود في كلِّ مَكان، حيثُ يوجدُ الله، فهناكَ السَّمَاء، حيثُ يوجَد جلالهُ، فهُناكَ المجدُ كلّ المَجد“. وتقول تريزا ماريَّا للصليب: "إن الله يعمل كل شيء لصالحنا، لأننا نحن لا نريد سوى مجده".

الإبن هو كلمة الآب وهو المخلِّص، الذي بتجسّده وآلامه وموته وقيامته أتمَّ عَمَل الخلاص، فسرّ ميلاده، وسرّ صلبه، وسرّ قيامته، سرّ واحِد. وهذه الرّوحَانيّة تُظهرهَا تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب، بإختبار عميق وفريد من خلال العهد الجديد ومفاهيمه، فتُجسِّد حياتهنَّ لاهوت نستطيع أن نسمِّيها: "بشرى الإنجيل" "فرح الإنجيل"، "إنجيل الإنجيل"، تقول تريزا ليسوع: "الآب يعطينا ابنهُ الوحيد، يأتي إلى العَالم اليوم في كوخٍ حقير"، وتُكمِل تريزا ماريَّا للصليب وتقول: "الله معنا وكفى".

إختبرتا الكَنيسَة في كلّ مراحِل حَيَاتهن، وعاشتا أسرارهَا في العمق، كانت صلاتهن مشتركة ومرفوعَة دائماً على نيّة الكَهَنِة، والمرسلين، والمبشّرين بالإنجيل، وفهموا أنَّ الكَنيسة هي جَسَد المسيح السرِّي، وأنَّ الروح القدس هو ربيعهَا الدَّائم، وقلبهَا المفعَم والنابض بالحُبّ الذي سوف يوزِّع على الجميع موهبة خاصَّة، لبناء هذا الجسم الإلهي الإنساني وينمِّي المواهِب كلها.

أمَّا الكهنوت، فهو سرٌّ انجذبتا بعظمته وسموّ كرامته، فكانت كلّ مسيرتهن الكَرمَليِّة هي صلاة واحدة، ومشاركة بآلام المسيح مِن أجل تقديس الموسومين بعلامته. وهو بالنسبة لهنَّ سرّ الحبّ الذي لا يعرف المغيب، أكتر مِن أن يكون تراتبيّة كنسيّة وسلطة. هو سرّ مواصلة تجسُّد المسيح ومتابعة خلاصه. كتبت تريزا ماريَّا للصليب: "آه! لو استطعتُ أن أكون كاهناًّ، أودّ لو أذهب لأبشّر العالم كلّه!".

تحوّلت حَيَاة تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب، لكهنوت تجلَّى في قلب الكَرمَل، وبمشَاركتهنَّ عريسهنَّ السَّماوي يسوع آلامه وموته مِن خلال مرضهن ونزاعهن الأليم. برهنتا بأقوالهنَّ وتعاليمهنَّ أنَّ الكَهنوت أوَّلاً وأخيراً "حُبّ"، هو حُبُّ يسوع، الذي فيه ومعه حُب الثالوث الطوباوي، هو حُبّ يسوع لأبيه السَّماوي وللبشر، وحبّ الكنيسة لعروسهَا ولشعبهَا، وحبّ العذراء مَريَم لإبن الله وإبنهَا ولأبناء الكنيسة.

علاقة تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب بمريم هي علاقة مميَّزة، بالإيمَان، فهي أمّ يسوع وأمّ الله، حملت بأحشَائهَا الخالق والمخلِّص، وهي أمّ الكَنيسة والنفوس، أرادهَا إبنهَا مثال لكلّ نفسٍ تسعَى إليه في ليل الإيمَان.

تأمَّلت تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب في فقر مَريَم الرّوحي، وإيمانهَا المجرَّد، ورجَاءهَا المجرَّب، وحبَّها الكبير، وأمومتهَا الشَّاملة التي تصل على أقدام الصليب، الذي فيه تظهر مَريَم على قمِّة الجلجلة واقفة ككاهن أمام المَذبَح.

تريزا ليَسوع (الأفيليّة): إنَّ القدِّيسَة تريزا ليَسوع (الأفيليّة) معلِّمَة الكنيسَة، لم تستطع أن تفصل كلّ خبرتهَا الروحيَّة عن مريَم. بمطالعتِنا لأعمَالهَا الكامِلة نلاحِظ الخلفيَّة المريميَّة والحضور المَريمي الكبير في كلّ سيرة حَيَاتهَا. مِن خِلال عقيدتهَا المركَّزة على إنسانيَّة المَسيح.

في المنازل السادسَة يتوضَّح لنا فكر أعمَالهَا: كلَّمَا تقَدَّمَتْ في خبرتِهَا الحياتيَّة، كلَّمَا لاحَظتْ أنَّها لا تستطيع أن تفصل المَسيح عن أمّه، المسيح هو الجوهَر والبداية والنهاية. ومن طفولتها أخذت تريزا الأفيليِّة العذراء القدِّيسَة عند موت أمّها أمّاً لها، تقول:

"مَضَيْتُ محزونةَ الصدر إلى صورةٍ للسيدة العذراء وتوسّلتُ إليها بدموع غزيرة لتكون أماً لي، وأعتقد أنَّ طلبي، على البسَاطة التي صُغْتُهُ فيها، لقِيَ لديهَا قبولاً، فقد لقيتُ استجابة لدى هذه العذراء الساميَة كلَّما توسَّلتُ إليهَا، حتى جَعَلَتْني، أخيراً، في خاصَّتِهَا".

أمَّا الثَّوب الكرملي المقدَّس، أكَّدت عليه تريزا ليسوع وقالت أنَّه علامة تربطنا بالعذراء القدِّيسَة، والبرهان على ذلك أنَّنا مِن خاصّة مَريَم تقول: "ما إن ارتديتُ الثوبَ المقدَّس، ثوبَ أمّنا العذراء مريم سيِّدة الكرمَل، حتَّى شعرتُ بفرح الفوز بالحياة الرّهبانيَّة، وهو فرحٌ ما زلتُ أنعمُ بهِ منذ ذلك الحين ولم يتعكَّر صفوُهُ قطّ". كانت تطلب من الراهبات الإقتداء بمريم في كلّ شيء، خاصَّة في الصمت والتأمل تقول: "سبِّحنه، يا بناتي،لكونكنَّ حقيقةً بناتِ هذه السيِّدة، فلن تخجَلنَ بعدُ لكوني، أنا، حقيرةً، لأنَّ لكنَّ أمًّا صالحةً كهذه. إقتدينَ بها وتأمَّلنَ كم يجب أن تكونَ كبيرةً عظمَة هذه السيِّدة، وجزيلاً الخيرُ في اتِّخاذها شفيعةً".

تريزا ماريَّا للصليب: نظرَت تريزا ماريَّا للصليب إلى مريَم كَمِثال حقيقي لهَا، فهي أيضاً مدعوَّة إلى الإقتِداء بهَا في علاقتِهَا مَعَ السِرّ السَّامي القداسَة، وكانت تكبُر وحبّه يَنمو فيها، وتكبُر مَعَهَا علاقتُهَا بالله، وعلاقتُهَا المميَّزة مَعَ يَسوع الإفخارستيَّا، كتبت تقول: "كانَ يَملأُ يَسوع فراغَ حَيَاتي، كلَّ مرَّةٍ أمرُّ بهَا أمَامَ بيتِهِ وأسلِّم عليه"، هذه العَلاقة عزَّزَت إيمَانهَا وجَعَلتهُ يَنضَج مَعَ الأيَّام.

رافقت العذراء القدِّيسَة كلَّ مراحل حياة تريزا ماريَّا للصليب، حتَّى في أثناء مرضهَا الأخير، قالت تريزا: "اليَوم، رأيتُ السيِّدة. رايتُهَا أوَّلاً الحَزينة مَعَ صليبٍ على قلبهَا؛ ثمَّ بَدَتْ النقيَّة يَغمُرُهَا نورٌ سَمَاويّ. كَانَت على جَمَالٍ، وأيُّ جَمَال...!".

لم تستطع تريزا ماريَّا للصليب أن تتأمَّل بحياة البتول القدِّيسَة، إلاَّ مِن الحقيقة، أي من الإنجيل كِلمِة الله، كِلمِة الحَيَاة.

نعم، إنَّ تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب، هما إمرأتان كانت رغبتهنَّ الكَمَال والقداسة، خاطبوا الله وأسراره عن إختبار، وتعلَّمتا طريق الإتِّحَاد فيه. فصلاتهنَّ هي إندفاع القلب، وصرخة شكر وحُبّ في قلب المحنة كَمَا في غمرة الفرَح، التي بصلاتهن التأمّليِّة اليوميِّة في حياة الكَرمَل المقدَّس، اكتشفتا وجه الله الرَّحوم، وبنور رحمته اتَّطلعتا على كلّ أسراره. وعبقريتهن هي باكتشافهَا أنَّ الله حبّ، فأحبّوه وسكنوا في قلبه وفيه اكتشفوا أنَّ الحُبّ، هو مصدر كلّ فِعلٍ، وكلّ عَمَل ورسالة.

تبقى تريزا ليسوع وتريزا ماريَّا للصليب، أكبر برهان على أنَّ القداسة هي الحُبّ، والحُبّ هو المعرفة اللاهوتيِّة الأسمى والأشمَل. إنَّ هذه الكرمليَّتان أظهرتا أنَّ المرأة في الكنيسة هي في حياتها، مثل الكنيسة، "أمّ ومعلِّمة"، التيِ في مسيرتهنَّ خلقتا لاهوت أنثوي، أغنتا فيه التراث الكاثوليكي عبر اختبار عميق، جمعتا حياة الكرمَل المُحصَّن والمُرسَل، حتى صار طريقاً مملوءً من الكلام عن الله.


Saint
Joseph Epoux de la V. Marie

Sainte
Thérèse de Jésus (d’Avila)

Saint
Jean De La Croix

Sainte
Thérèse de l’Enfant Jésus de la Sainte Face

Sainte
Thérèse-Bénédicte de la Croix

Sainte
Marie de Jésus Crucifié

Sainte
Elisabeth de la Trinité

Bienheureuse
Thérèse Marie de la Croix

Saint
Raphael Kalinowski

Bhx. Fr.
Marie-Eugène de L'Enfant Jésus

Autre Saints

les Saints du Carmel

Carmel Kids