Page d'accueil Nos saints
Sainte Thérèse de Jésus (d’Avila)
  • Sainte Therese De Jesus

إسبانيا القدّيسين والفاتحين أو العصر الذهبي
كتابة: المطران جان سليمان الكرملي – رئيس أساقفة بغداد على اللاَّتين

في سماء اسبانيا القرن السادس عشر ظهرت نجمة ساطعة هي القديسة تيريز دافيلا، فاتحة السماء ومالكة القلوب ومعاصرة الشعوب. وإنها لتحمل في قلبها حماس وفروسيّة أبناء عصرها، وفي صلاتها همومهم وشجونهم، كما تجيب في حياتها وكتاباتها على تساؤلاتهم، وتنير تطلعاتهم. إن تيريز لتكاد تختصر في شخصيتها الفذة عصرها الذهبي وتعيش في اختباراتها صراعاته وتشرف على كنيسة الأجيال اللاحقة. فما هي ميزات ذلك العصر؟

1- وحدة أوروبا المسيحيّة نحو التجزؤ

إن العالم المسيحي الأوروبي، حيث نهضة الفكر التي وجدت في اكتشاف المطبعة وسيلة فريدة للانتشار، وفي العودة إلى التراث اليوناني اللاتيني القديم ينبوعًا تَصُبُّ منه بعد طول انحسار، وفي الاختراعات الجديدة سبيلاً لبلوغ البعيد والغريب من الأمطار، يدخل القرن السادس عشر حقبةً حاسمة في تاريخه الحديث. فاللاتينية تندحر رويدًا رويدًا أمام اللغات المحليّة الوطنيّة؛ والمسكونيّة المسيحيّة تختفي أمام بروز السياسات الاقليمية، والوحدة الدينيّة تتصدّع لدى ظهور الحركات الإصلاحية. فباسم الحرية، حرية القول والعمل، حرية الفكر والمعتقد، وانطلاقًا من التراث الفكري الكلاسيكي ومن الكتاب المقدّس عينه وشجيًا لبعض التجاوزات السلطاويَّة الكنسيّة، يقوم الإصلاح بوجه الكنيسة الكاثوليكيّة، هيكل ومحرّك الوحدة الأوروبية المسيحيّة.

ولم يبق الإصلاح فكرة ولم ينحصر في جماعات متدينة مؤمنة بل وجد آذانًا صاغية عند أمراء ساعين وراء توطيد قوتهم، وملوكٍ عاملين على فرض قيادتهم واستقلالهم، وطبقات عديدة من الشعوب رازحة تحت هذا أو ذاك من أحمال المشكلات الاقتصادية أو الحريات المكبوتة.

فالقرن السادس عشر أيضًا عصر نهضة اقتصادية. فالاكتشافات العلمية والجغرافية فتحت الحدود ووسعت الأرجاء وأمطرت على أوروبا، القارة القديمة، المعادن والخيرات.

وتكثر في هذا العصر الحروب الدينية والسياسية والاجتماعية. فشارل الخامس، ملك اسبانيا، يحارب فرنسيس الأول، ملك فرنسا، وبابا رومة كثيرًا ما يواجه الصعاب مع هذا أو ذاك من الملوك والأمراء المسيحيين, فبينما الملكان المذكوران يتنازعان، المانيا المسيحية تغرق في الدم والنار. وفي العام نفسه (1520) تبدأ حرب فرنسيس الأول ويحرق لوثر أمام طلاب فيتنبرج براءة البابا لاون العاشر ، فيشب حريق ينير البعض ويلتهم الآخرين فيسقي الدم المهراق بين الفلاحين والنبلاء في المانيا، الأرض الهائجة.

وما كانت حالة روما بأحسن من غيرها. فالنبلاء الايطاليون من آل بورجيا ، وآل مِديتشي إلى آل فارنيزي وغيرهم يتربصون بتاج سيد روما.

الكنيسة، أي المجتمعات الأوروبية بأسرها، تهتز أساساتها في هذا العصر حيث كثر المصلحون وتكاثر المصطادون في المياه العكرة. ففرنسوا الأول يتعاهد مع سليمان القانوني عام 1529 ويهدّد الأتراك المسلمون أوروبا مرّة أخرى إذ يصلون إلى مشارف فينا. والاكليروس يغرق في جهله وتجاوزاته. فهذا كرامير يجيز لهنري الثامن ملك انكلترا الطلاق ويحمل روما على لفظ الحرم ضده. فيثور عاهل انكلترا ويضع يده على أموال الكنيسة ويزيد الانقسامات انقسامًا، والخصامات خصامًا.

ويشهد الربع الثاني من القرن السادس عشر حركة إصلاح كاثوليكية تجلّت في المجمع المسكوني التريدنتيني وتأسيس أو تصحيح سيرة رهبانيات عديدة. وما كانت سنوات النصف الثاني من القرن عينه بأقل ضراوة أو شراسة في الاقتتال. فدول أوروبا جميعها فريسة للعنف. إلى جانب الحروب التي تستعمل فيها أسلحة جديدة، هناك حالة من الرعب ولّدتها الاغتيالات العديدة والتعديات السافرة. فعلى أبواب روما كما على مداخل باريس، وفي تخوم البندقية كما في ضواحي لندن أو اديمبورغ، قبل ونهب وتسميم. فكم من مدينة أحرقت وكم من مذابح تمت على يد هذا أو ذاك من الملوك المسيحيين أو من الجماعات المختلفة في فرنسا وانكلترا، في سويسرا وألمانيا وغيرها. فأوروبا هي جحيم يبني مُلوكها، بأيادٍ ملطخة بالدماء، الدول والامبراطوريات الحديثة.

2- الممالك الاسبانية نحو الوحدة
إن القرن السادس عشر، بالنسبة لاسبانيا، هو عصر الوحدة الدينية والوطنية والقوّة الضاربة والسلطة المهيمنة على الكنيسة والمجتمع.

لقد انتهى القرن الخامس عشر، في اسبانيا، متوجًا بحدثين كبيرين وقعًا في العام ذاته: السيطرة النهائية على آخر معقل للعرب المسلمين في غرناطة واكتشاف أميركا، في العام 1492. لذا، تطل اسبانيا في القرن السادس عشر وقد توحدت الممالك حول عرش قشتالة واتسعت حدودها إلى ما وراء البحار. تاريخها القديم، تاريخ استرجاع الأرض المغتصبة وتحريرها من احتلال دام أجيالاً، نسجته البطولات أساطير مجد وفروسية، يحفظه أبناؤها ويعملون على تجديده في هذا العصر الذهبي الفريد. فأضحى الاسبان، بعد انتصارات القرن الخامس عشر، وكأن أرضهم تضيق بهم. فمنهم من ركب البحار وغامر ومنهم من اقتنع بأن ممالك الأرض كلها لا تسد عطشه إلى المطلق وجوعه إليه، فآثر اقتحام السماء بحياة قديسة، على السيطرة والاستئثار بالانسان وماله وأرضه. فالعصر هذا، حقًا دعي عصر الفاتحين الغزاة والقديسين الملافنة الرعاة. وفي عمق أعماق الجميع، روح الفروسية والشرَف والنبل، نفوس نحتت في الصخر تموت ولا تنكسر.

وإذا عدنا إلى حالة أوروبا العامة وجرّبنا مقابلة بينها وبين اسبانيا الملوك الكاثوليك، وجدنا أن الحركة التاريخية مختلفة: فالاضطراب العام في أوروبا يقابله حزم وعزم من سلطةٍ تفرض الأمن في اسبانيا. والتجزؤ المتزايد في القارة القديمة يتحول في المملكة الجديدة الوطيدة وحدة منيعة: وحدة بين المناطق المختلفة، بين الكنيسة والمجتمع وبين الملك والشعب، وحدة خرجت من بوتقة الحرب الطويلة، حرب التحرير، معتمدة بالنار والدم، وحدة طغت، حتى بالعنف، على كا ما انبرى يتهدّدها من الداخل أو من الخارج. لهذا، بينما كانت أوروبا المسيحية تتعرض لهزّات عنيفة قضت على وحدة معتقداتها واتحاد سياساتها وتجانس مجتمعاتها، كانت اسبانيا مقلعًا للقوات الروحيّة ومعقلاً للتقليد الكنسي وحصنًا للوحدة الكاثوليكيّة حصينًا منيعًا.

وللحفاظ على هذه الوحدة، لم يتورع ملوك اسبانيا وكنيستها عن استعمال كلّ وسيلة ناجعة. وقد تولى مجمع الدفاع عن الايمان هذه المهمة الشاقة وراح يطارد، عن حق أو عن غير حق، كلّ من اشتبه به هرطوقيًا يهدّد بأفكاره الجسم الاجتماعي والديني.

ورغم القوة العسكرية والانتشار في أبعد الأقطار واستقدام المعادن والخيرات، فإن اسبانيا تغرق، رويدًا رويدًا، في أزمة اقتصادية ستكون فيما بعد خانقة. فإنها بلد اقتصاد زراعي، في الدرجة الأولى. أمّا رجالها، وقد سيطر عليهم الشغف بالفروسية والحروب والشرف، فلا يعملون كثيرًا في الأرض. كما انهم لا يهتمون أكثر بالاتجار. فالتجارة ليست عملاً مشرفًا. وعليه، فقد بقيت الأموال غير موظفة، واستفاد من المعادن المستقدمة الغير مصنّعة سائر بلدان أوروبا. واشتدت الأزمنة الاقتصادية التي قسمت المجتمع إلى أثرياء أثرياء وفقراء فقراء، يعيشون معًا، حتى داخل الأديار. فعرفت تريزا مثلاً راهبات جئن إلى الدير ومعهن المال والجهاز وغيرهن أتين محرومات وبقين حقيرات…

وأن آفيلا ستكون العاصمة للملكة الموحدة: فيها بني قصر اللأسكوريال الذي منه حكم الملك فيليب المناطق ومنه يصدر أمره باقتتحام البرتغال، عام 1590 .

غير أن نهاية القرن السادس عشر ستوافق غياب الشمس عن مملكة شارل الخامس. رغم حلم فيليب الملك بأنه ذراع الله على الأرض، فسيحطم الانكليز حلمه عندما ستنقضّ مراكبهم، بعد سنوات خمس، على الأرمادا وتغرقها في المحيط…

3- التيارات الروحيّة في العصر المتأجج
إن الرغبة في الحياة الروحيّة المسيحيّة تعشعش في النفوس الاسبانية جميعها: رغبة المتعلم المثقف والناسك المتزهد والانسان العادي المتواضع. فالمملكة عالم متأجج روحيًا. وركائز هذا الفوران، الحقائق التالية:

ولقد اجتاحت اسبانيا، خاصة في القسم الأول من القرن السادس عشر، موجات من الكتب الروحيّة المختلفة، يؤلفها كبار المعلمين الروحانيين. والمصلحون الرهبانيّون يدخلون في القوانين الجديدة ساعة أو أكثر، تُكرّس كلّ يوم للصلاة العقليّة. كما أن الرسل الكبار، في هذا العصر، هم أوّلاً وآخرًا، يمارسون الصلاة العقلية ويعلّمون الآخرين ممارستها. ونستطيع أن نخصّ بالاهتمام الاصلاح الكاثوليكي والتيارات الروحية المختلفة التي تلتقي تحت ظلاله.

‌أ. الإصلاح الكاثوليكي سبق، في اسبانيا، المجمع التريدنتيني. لقد ولد في قلب الكنيسة الاسبانية وليس ضدّها وعلى يد رؤسائها وأبنائها وليس على يد منتقديها. ويأخذ هذا الإصلاح منحى لاهوتيًا (تأسيس الجامعات) وآخر روحيًا (إصلاح الرهبانيات). فالمطابع في اسبانيا تؤمن للمؤمنين نشر أفكار كبار اللاهوتيين والمعلمين الروحيين. وتزذهر حركة الترجمة ازدهارًا مرموقًا.

‌ب. أما التيارات الروحيّة المتعددة فيمكن اختصارها بثلاثة:

وهناك تيارات أخرى عديدة جسّدتها الرهبانيات المختلفة التي، مع الزمن، ولّدت هوّة بين اللاهوت النظري واللاهوت الروحي لم يعرفها الشرق المسيحي. وهذا ما يجعلنا نفهم كيف أن تريزا تعير اللاهوتيين أهمية كبرى متخطية هذا الانقسام وجامعة بين الصلاة والعمل.

خاتمة
إن القرن السادس عشر الاسباني، عاشته تريزا في جميع أبعاده، حتى نكاد نقول أنه انتهى بموتها. فهي ولدت بينما بدأت الحركات المختلفة تزعزع أوروبا المسيحية. ونشأت وكبرت مع توطيد المملكة الاسبانية الموحدة التي اتخذت عاصمتها آفيلا، مدينة الفرسان. وحملت هموم هذا العصر ومشاكله. فكم بكت دمًا لكل نقطة دم سالت، في اسبانيا أو خارجها، وهي التي ارتدت عندما رأت المسيح المصلوب معذبًا مهانًا منهوك القوى. وقد أصلحت الكرمل لأنها رأت العالم تأكله النار والكنيسة تصدّع أساساتها الهرطقاتُ والتجاوزات. ألم تقل عندما بلغت مسامعها أخبار الحروب الدينية في فرنسا وويلاتها: «إني أموت لأني لا أموت ? «

Saint
Joseph Epoux de la V. Marie

Sainte
Thérèse de Jésus (d’Avila)

Saint
Jean De La Croix

Sainte
Thérèse de l’Enfant Jésus de la Sainte Face

Sainte
Thérèse-Bénédicte de la Croix

Sainte
Marie de Jésus Crucifié

Sainte
Elisabeth de la Trinité

Bienheureuse
Thérèse Marie de la Croix

Saint
Raphael Kalinowski

Bhx. Fr.
Marie-Eugène de L'Enfant Jésus

Autre Saints

les Saints du Carmel

Carmel Kids